ـ[هادي آل غانم]ــــــــ[14 - 12 - 08, 08:45 م]ـ
لقد سمعت هذا التفسير بأن المقصود هو سليمان ـ عليه السلام ـ من شيخنا الجليل محمد جميل غازي ـ رحمه الله ـ سمعته منه شفاها.
ـ[المعلمي]ــــــــ[15 - 12 - 08, 11:05 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يتفرع عن هذه الآية إشكال وهو:
أن هناك علوم سماوية لها تأثير خارق خارجة عن السحر والكهانة، وهذا يقودنا إلى إشكالية عقدية وهي إسناد التأثير وإنشاء أو تحريك الخوارق إلى غير الله بشهادة التجربة.
فقوله (أنا آتيك) فيه إسناد الفعل إلى نفسه، وهذا يدل على نوع قدرة أو علم في هذه المسائل وإن كانت بإذن الله.
ويستأنس لهذا المعنى بقوله تعالى {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ} فما بعد واو العطف يباين في ذاته ما قبلها أصالة.
فمن قال أن الإتيان مسند إلى سليمان أو جبريل لم يلزمه هذا الإشكال، ومن قال أنه مسند إلى غيرهما لزمه الجواب عنه.
لأن المعهود في الكرامات أنها اتفاقية وخالية من العلم اليقيني السابق بوقوعها، ففي هذا الموضع أسند القدرة إلى نفسه في إحضارعرشها وهذا يدل على علم مسبق بجواز أو إمكان وقوع ذلك عادة.
فالذي يظهر لي أنه الآية لا تندرج في باب الكرامات بقدر ما تندرج في أبواب العلوم التجريبية.
وهي أقرب إلى علوم: السحر - العين - ما يوجد عند البراهمة - والكنفوشيوسيين - والبوذيين - والكلدانيين وغيرهم من علوم.
ولا أدري إن كانت هذه العلوم لها قدرة حقيقية على التأثير، وبالتالي يستحكم الإشكال، أم أن هذا التأثير آت من جهات أخرى لها علاقة بعلوم النفس.
لكن في أخبار الدجال ما يشدّ الإشكال.
ـ[أبو طعيمة]ــــــــ[15 - 12 - 08, 12:04 م]ـ
جزاكم الله خيرا أيها الأفاضل غير أن لي استدراكين في جعل "الذي عنده علم من الكتاب" إن أمكن:
فقول الذي وصفه الله ب" عنده علم من الكتاب" إما أن يكون كلامه موجها إلى سليمان عليه السلام أو أن يكون موجها إلى العفريت فإن كان موجها إلى سليمان عليه السلام امتنع "الذي عنده علم من الكتاب" من أن يكون سليمان عليه السلام و إن كان خطابه موجها إلى العفريت من الجن فكان الأجدر و الأليق بوصفه بكونه نبيا لأن هذا الوصف متضمن ل " الذي عنده علم من الكتاب" بل و أشد وقعا في إظهار هذا العفريت مظهر الضعيف العاجز فلا يصلح و الله أعلم أن يكون " الذي عنده علم من الكتاب" هو سليمان عليه السلام هذا و ظاهر النص أن قوله "قبل أن يرتد إليك طرفك" فيه تحد للعفريت من الجن و أنه سيغلبه في هذا وهذا المقام لا يليق بنبي إذ إن أصل القدرة على الإتيان بالعرش في سرعة خاطفة موجودة عند العفريت و أن النتيجة هو أن "الذي عنده علم من الكتب" كان أسرع من العفريت و ليس في هذا كبير فخر "للذي عنده علم من الكتاب" على العفريت إذ أن أصل القدرة على فعله موجودة عند كليهما لكن واحدا منهما أكثر سرعة و قدرة و الآخر أقل سرعة و قدرة .. و الذي يظهر من السياق القرءاني أن " الذي عنده علم من الكتاب" كان معروفا لشخصه في بلاط الملك النبي سليمان و أن ما ميزه عن غيره من البشر من غير الأنبياء هو علمه من الكتاب و هنا يرد السؤال عن هذا الكتاب لا سيما وهي معرفة ب "أل" فهل هو الزبور؟! أو ماذا ....
فالذي يظهر أنه رجل صالح من حاشية سليمان أظهر الله به أن العفاريت ليست ذات قدرة على فعل العجائب دون البشر إذا قدر الله ذلك ..
أما عن بعض إشكالات الأخ المعلمي:
فقوله " لأن المعهود في الكرامات أنها اتفاقية وخالية من العلم اليقيني السابق بوقوعها، ففي هذا الموضع أسند القدرة إلى نفسه في إحضارعرشها وهذا يدل على علم مسبق بجواز أو إمكان وقوع ذلك عادة " ..
فيه نظر .. لأن التجربة تظهر خلاف ذلك .. ألم يشرب خالد بن الوليد السم و لم يضره ذلك فإنه قام بهذا الفعل وقد سبقه علم يقيني بأن الله لن يضره وهنا كان موضع الكرامة أبلغ و أكرم له من بعد شربه .... فلو أن أحدا سقاه إياه بدون علمه ثم نجاه الله منه كان ليكون أقل مكانة من الجرأة على شربه مع علم مسبق بأنه لن يضره و الله أعلم ..
بقيت الإشارة إلى أن أمر سليمان بعض حاشيته أن يفعلوا هذا الشيء فهو لا شك و لا ريب من باب المكانة العالية له كونه نبيا و ملكا و ليس لعدم قدرته أو لاستعانته بغيره على فعل شيء لا يستطيعه و ينتفي بهذا الفرض أن يكون " الذي عنده علم من الكتاب" قد ذكر سليمان بأن يدعو الله فيستجيب له و إلا كان الأولى في حق سليمان النبي أن يدعو الله قبل أن يسألهم أن يفعلوا هذا الشيء و ينتهي الأمر هنا و لكنه سألهم سؤال الملك للحاشية الآمر الناهي و هذا مكانة رفيعة له عليهم و على صاحب العلم من الكتاب الذي امتثل لأمره و الله أعلم