وأما " رضي الله عنه " فهي تقال لمن نحسبهم والله حسيبهم من أهل قوله تعالى {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}
فالسابقين الاولين ومن تبعهم بإحسان من أئمة الهدى من التابعين وتابعي التابعين وتابيعيهم الى يوم الدين هم أهل لأن يقال لهم " رضي الله عنه ".
وفقك الله وبالحق بصرك
فكيف فهمت بأنني خصصت أئمة الهدى فقط , والواضح من كلامي بأن هذا الوصف يشمل كل من أتبع الأولين السابقين بإحسان الى يوم الدين.
فالحكم " برضا الله " عن من يأتي بعد الصحابة المرضيين منوط بقوله تعالى " والذين أتبعوهم بإحسان ".
جاء في لسان العرب:
وقوله تعالى: {والذين اتَّبَعوهم بإِحسان؛} أَي باستقامة وسُلوك الطريق الذي درَج السابقون عليه. أهـ
يقول صاحب مفردات القرآن:
رضي
- يقال: رضي يرضى رضا فهو مرضي ومرضو. ورضا العبد عن الله: أن لا يكره ما يجري به قضاؤه ورضا الله عن العبد هو أن يراه مؤتمرا لأمره ومنتهيا عن نهيه قال الله تعالى: {رضي الله عنهم ورضوا عنه} [المائدة / 119] وقال تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين} [الفتح / 18].أهـ المقصود
يقول ابن القيم رحمه الله في اعلام الموقعين:
ولأن الرضوان حكم تعلق باتباعهم، فيكون الاتباع سبباً له؛ لأن الحكم المعلق بما هو مشتق يقتضي أن ما منه الاشتقاقُ سببٌ، وإذا كان اتباعهم سبباً للرضوان اقتضى الحكم في جميع موارده، ولا اختصاص للاتباع بحال دون حال. أهـ
نقل البغوي في تفسيره:
وقال أبو صخر حميد بن زياد: أتيت محمد بن كعب القرظي فقلت له: ما قولك في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة محسنهم ومسيئهم فقلت: من أين تقول هذا؟ فقال: يا هذا اقرأ قول الله تعالى: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار} إلى أن قال: {رضي الله عنهم ورضوا عنه} وقال: {والذين اتبعوهم بإحسان} شرط في التابعين شريطة وهى أن يتبعوهم في أفعالهم الحسنة دون السيئة
قال أبو صخر: فكأني لم أقرأ هذه الآية قط. أهـ
وأما نقلك هدانا الله وإياك ما يلي:
قال الطبري رحمه الله (حدثنا بشر قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد عن قتادة {ويعلمهم الكتاب والحكمة} أي السنة
حدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد قال {ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة} أيضا كما علم هؤلاء يزكيهم بالكتاب والأعمال الصالحة ويعلمهم الكتاب والحكمة كما صنع بالأولين وقرأ قول الله عز وجل {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان} [التوبة: 100] ممن بقي من أهل الإسلام إلى أن تقوم الساعة
قال: وقد جعل الله فيهم سابقين وقرأ قول الله عز وجل (والسابقون الأولون أولئك المقربون) [الواقعة: 10] وقال: (ثلة من الأولين وقليل من الآخرين) [الواقعة: 13] فثلة من الأولين سابقون وقليل سابقون وقليل السابقون من الآخرين وقرأ (وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين) [الواقعة: 27] حتى بلغ (ثلة من الأولين وثلة من الآخرين) [الواقعة: 39] أيضا قال: والسابقون من الأولين أكثر وهم الآخرين قليل وقرأ {والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان} [الحشر: 10] قال: هؤلاء من أهل الإسلام إلى أن تقوم الساعة) 12/ 88
فهذا الأثر أورده الطبري رحمه الله في تأويل قوله تعالى:
{هُوَ ?لَّذِي بَعَثَ فِي ?لأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ?لْكِتَابَ وَ?لْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ}
والشاهد منه عند الطبري الدلالة على أن نبينا عليه الصلاة والسلام اُرسل للأميين وهم العرب كما فسرها الطبري وأنه صلى الله عليه وسلم معلم الأولين والآخرين وليس فيه ما أستشهدت به عفا الله عنا وعنك.
وأما الحديث الذي نقلته من فتح القدير والذي أخرجه ابن مردويه من طريق الأوزاعي ,
ليتك بينت حال الحديث وهل هو صحيح؟
والظاهر أنه منقطع ولا يصح الأحتجاج به والله أعلم.
وكذلك نقلك عن ابن عاشور قوله:
ويقول ابن عاشور رحمه الله ((والذين اتبعوهم بإحسان) أي اتبعوهم في الإيمان) 1/ 3464
فإن مقصود ابن عاشور مطلق الإيمان ففهي نظر وإن كان فهمك ذهب بك هذا المذهب فأنت مخطىء في هذا
فالصحيح بأنهم أصحاب الإيمان المطلق وهم المتبعين بإحسان لمن تقدمهم من سلفهم الصالح جعلنا الله وإياك وإخواننا منهم ومعهم.
يقول ابن القيم في بدائع الفوائد:
فالإيمان المطلق لا يطلق إلا على الكامل الكمال المأمور به، ومطلق الإيمان يطلق على الناقص والكامل، ولهذا نفى النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان المطلق عن الزاني وشارب الخمر والسارق، ولم ينف عنه مطلق الإيمان لئلا يدخل في قوله: {والله ولي المؤمنين} (سورة آل عمران: الآية 68)، ولافي قوله: {قد أفلح المؤمنون} (سورة المؤمنون: الآية 1)، ولا في قوله: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} (سورة الأنفال: الآية 2)، إلى آخر الآيات، ويدخل في قوله: {فتحرير رقبة مؤمنة} (سورة النساء: الآية 92)، وفي قوله: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} (سورة الحجرات: الآية 9).أهـ
فبهذا تفهم خطأ اعتبار كل الأمة من التابعين بإحسان.
==================
وختاماً الواجب على من ينتسب لأهل الحديث تحقيق القول الصواب في المسألة أولاً
وهو تكريم هذه العبارة " رضي الله عنه " التي كرم الله بها الصحب الكرام واتباعهم بإحسان من أن تقال لمجاهر بمعصية فضلاً عن شاعر يقول ما لا يفعل!!
ثم بعد ذلك يوجه المنتقد " البعد الفقير " بتحسين العبارة وقد أحسن المشرف بحذف أسم القائل غفر الله له ورده الى الصواب رداً جميلاً.
===============
وأستغفر الله رب العالمين
¥