تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الآية ولم يقل أدمغتهم منكرة وقال تعالى حتى إذا فزع عن قلوبهم) الآية ولم يقل، إذا فزع عن أدمغتهم وقال تعالى (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) الآية ولم يقل أم على أدمغه أقفالها وأنظر ما أصرح آية القتال هذه في أن التدبر وأدراك المعاني به إنما هو القلب ولو جعل على القلب قفل لم يحصل الإدراك فتبين أن الدماغ ليس هو محل الإدراك كما ترى، وقال تعالى (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) ولم يقل أزاغ الله أدمغتهم وقال تعالى (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) ولم يقل تطمئن الأدمغة - وقال تعالى (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) ولم يقل وجلت أدمغتهم، والطمأنينة والخوف عند ذكر الله كلاهما إنما يحصل بالفهم والإدراك، وقد صرحت الآيات المذكورة بأن محل ذلك القلب لا الدماغ وبين في آيات كثيرة أن الذي يدرك الخطر فيخاف منه هو القلب الذي هو محل العقل لا الدماغ، كقوله تعالى (وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر) الآية وقوله تعالى (قلوب يومئذ واجفه الآية، وإن كان الخوف تظهر آثاره على الإنسان، وقال تعالى (أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم) ولم يقل ونطبع على أدمغتهم، وقال تعالى (وربطنا على قلوبهم إذ قاموا) الآية وقال تعالى (إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها) والآيتان المذكورتان فيهما الدلالة على أن محل إدراك الخطر المسبب للخوف هو القلب كما ترى لا الدماغ والآيا ت الواردة في الطبع على القلوب متعددة كقوله تعالى (ذلك بأنهم أمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم) الآية ولم يقل فطبع على أدمغتهم، وكقوله تعالى (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف فطبع على قلوبهم) الآية ولم يقل على أدمغتهم وقال تعالى (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) الآية والطمأنينة بالإيمان إنما تحصل بإدراك فضل الإيمان وحسن نتائجه وعواقبه وقد صرح في هذه الآية بإسناد ذلك اطمئناناً إلى القلب الذي هو محل العقل الذي هو أداة النفس في الإدراك ولم يقل ودماغه مطمئن بالإيمان.

وقال تعالى (قالت الأعراب أمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) ولم يقل في أدمغتكم – وقال تعالى (أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه) فقوله ولما يدخل الإيمان في قلوبكم، وقوله كتب في قلوبهم الإيمان، صريح في أن المحل الذي يدخله الإيمان في المؤمن وينتفي عنه دخوله في الكافر إنما هو القلب لا الدماغ، وأساس الإيمان إيمان القلب لأن الجوارح كلها تبع له كما قال صلى الله عليه وسلم (إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب) فظهر بذلك دلالة الآيتين المذكورتين على أن المصدر الأول للإيمان القلب فإذا آمن القلب آمنت الجوارح بفعل المأمورات وترك المنهيات لأن القلب أمير البدن، وذلك يدل دلالة واضحة على أن القلب ما كان كذلك إلا لأنه محل العقل الذي به الإدراك والفهم كما ترى.

وقال تعالى (ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) الآية، فأسند الإثم بكتم الشهادة للقلب ولم يسنده للدماغ، وذلك يدل على أن كتم الشهادة الذي هو سبب الإثم واقع عن عمد وأن محل ذلك العمد القلب وذلك لأنه محل العقل الذي يحصل به الإدراك وقصد الطاعة وقصد المعصية كما ترى. وقال تعالى في حفصة وعائشة رضي الله عنهما (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما) أي مالت قلوبكما إلى أمر تعلمان أنه صلى الله عليه وسلم يكرهه، سواء قلنا أنه تحريم شرب العسل الذي كانت تسقيه إياه إحدى نسائه، أو قلنا أنه تحريمه جاريته ماريه، فقوله صغت قلوبكما أي مالت يدل على أن الإدراك وقصد الميل المذكور محله القلب، ولو كان الدماغ، لقال فقد صغت أدمغتكما كما ترى ولما ذكر كل من اليهود والمشركين أن محل عقولهم هو قلوبهم قررهم الله على ذلك لأن كون القلب محل العقل حق، وأبطل دعواهم من جهة أخرى وذلك يدل بإيضاح على أن محل العقل القلب أما اليهود لعنهم الله، فقد ذكر الله ذلك بمنعهم في قوله تعالى (وقالوا قلوبنا غلف) فقال تعالى (بل طبع الله عليها بكفرهم) فقولهم قلوبنا غلف بسكون اللام يعنون أن عليها غلافاً أي غشاءً

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير