تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وجه الاستدلال:قالوا إن الحديث نص على أنه لا يجوز أن يتخذ مؤذنا يأخذ أجرا، والإمامة في معناه، لأن كلا منهما يتقرب به إلى الله تعالى، ولحديث عبادة بن الصامت – رضي الله عنه – قال: " علمت ناسا من أهل الصفة الكتاب والقرآن فأهدى إلي رجل منهم قوسا فقلت: ليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله عز وجل لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأسألنه، فأتيته فقلت: يا رسول الله رجل أهدى إلي قوسا ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن وليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله، قال: [إن كنت تحب أن تطوق طوقا من نار فاقبلها] رواه أبوداود وابن ماجة وله شاهد عند ابن ماجة من حديث أبي بن كعب بإسناد ضعيف [جه 2158] وآخر بإسناد لا بأس به من حديث أبي الدرداء عند البيهقي [هق 6/ 126] وعلى ذلك فالحديث حسن لطرقه أولا، ولشواهده ثانيا، وقد صححه العلامة الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم (3416) والحديث نص في حرمة أخذ الهدية، على تعليم القرآن، فالأجرة من باب أولى، والإمامة والأذان في معناه، لأنها كلها يتقرب بها إلى الله تعالى، ولحديث عبدالرحمن بن شبل – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [اقرءوا القرآن، واعملوا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به] رواه أحمد والطبراني وغيرهما وقال الهيثمي: " رجاله ثقات" وقال الحافظ في الفتح: "وسنده قوي"، وصححه الألباني في " صحيح الجامع " برقم (1168) وفي الصحيحة (260)، (3057) والشاهد " ولا تأكلوا به " فهذا نهي والأصل في النهي التحريم، والذي لا يؤم الناس إلا بالأجرة داخل في عموم هذا النص، والأذان في معناه لأن كليهما قربة، ولحديث سهل بن سعد الساعدي – رضي الله عنه – قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ونحن نقترئ فقال: [الحمد لله كتاب الله واحد، وفيكم الأحمر وفيكم الأبيض وفيكم الأسود اقرأوه قبل أن يقرأه أقوام يقيمونه كما يقوم السهم، يتعجل أجره ولا يتأجله]. رواه أبو داود وقال العلامة الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم (831): " حسن صحيح" والحديث ظاهر في ذم من يطلب الأجر على قراءة القرآن، وفي معناه من طلب الأجر على الإمامة، بل هو داخل في عمومه لأن أعظم أركان الصلاة هو قراءة القرآن فيها، واستدلوا أيضا بحديث عمران بن حصين - رضي الله عنهما - أنه مر على قاص يقرأ ثم يسأل. فاسترجع ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [من قرأ القرآن فليسأل الله به فإنه سيجيء أقوام يقرؤون القرآن يسألون به الناس].رواه أحمد والترمذي وحسنه، وصححه المحدث الألباني في الصحيحة (257) و"صحيح الترغيب والترهيب" برقم (1433).ووجه الدلالة على المنع منه ظاهر في قوله صلى الله عليه وسلم:"يسألون به الناس"، وهذا الذي يشترط الأجرة على الإمامة والأذان داخل في عموم هذه الكلمة، وهي في معرض الذم لهم وهذا يدل على التحريم؛ واستدلوا أيضا بأثر ابن عمر – رضي الله عنه – الذي رواه عبد الرزاق (1852)، وابن أبي شيبة (1/ 228) عن يحيى البكاء قال: سمعت رجلا قال لابن عمر: " إني لأحبك في الله. فقال ابن عمر: إني لأبغضك في الله. قال: ولم؟! قال: إنك تتغنى في أذانك وتأخذ عليه أجرا ".

وأما تجويزه للحاجة فقد دل عليه الدليل والتعليل، أما الدليل:قوله تعالى: {{ومن كان غنيا فليستعفف، ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف}} فيقاس الإمام والمؤذن على ولي اليتيم فلا يحل له أن يأخذ مع الغنى، ويحل له عند الحاجة، وأيضا لحديث البخاري ومسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لخاطب المرأة: [ملكتكها بما معك من القرآن] (خ 5030، م 1425) فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - صداق هذه المرأة أن يعلمها ما معه من القرآن، فيكون صداقها) وقد قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث كان هذا الرجل فقيرا لا يملك شيئا، فهو محتاج، فدل هذا على جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن عند الحاجة.

وأما التعليل لجوازه في حال الحاجة: فلقلة من يقوم بالأذان والإمامة حسبة لله تعالى، إما باشتغالهم بكسب معاشهم، وإما تقصيرا منهم،ولعدم قيام بيت المال بسد كفاية من يقوم بذلك.

القول الثاني: إنه لا يجوز أخذ الأجرة على الأذان والإمامة مطلقا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير