تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قضيت التأذين فأعطاني صرة فيها شيء من فضة، فقلت: يا رسول الله مرني بالتأذين بمكة، فقال: (قد أمرتك به) فقدمت على عتّاب بن أسيد عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فأذنت معه بالصلاة عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. النسائي (103 - 104) والسياق له وعنه ابن حزم (3/ 151) وابن ماجة (241 - 242) والطحاوي (78) والدارقطني (86) حم (3/ 409)، وزادا إلا النسائي في آخره: وأخبرني ذلك من أدركت من أهلي ممن أدرك أبا محذورة] رواه أيضا ابن حبان "1680". وصححه المحدث الألباني – رحمه الله تعالى – في صحيح " سنن النسائي " رقم " 632 ".

وأما التعليل: فقد عللوا لجوازه على الأذان بتعليلين:

الأول: علل المالكية بأن الأذان فرض على الكفاية، ويقبل النيابة، ولم يتعين عليه بخلاف الإمامة.

الثاني: علل الشافعية بأن الأذان شعار غير فرض فتستحق الأجرة على ذكر الله كتعليم القرآن.

والحقيقة مثل هذه التعليلات لا تنهض أمام ما سلف من النصوص الدالة على المنع من ذلك.

القول الرابع:

إنه يجوز أخذه على الأذان والإمامة، وبه قال بعض المالكية، قال القرافي – رحمه الله تعالى – في "الذخيرة " ج2 ص 66: [وعند ابن عبد الحكم الجواز فيهما مطلقا].، وهو وجه عند الشافعية.

وعللوا ذلك بأن الأجرة في مقابلة التزام مواضع معينة في الأذان والإمامة، أو هي في مقابلة تعين ما لم يتعين عليه، وترد عليهم النصوص التي سبق ذكرها في القول الأول.

الترجيح:

عند التأمل في الأقوال السابقة يظهر قوة القول الأول وهو المنع من أخذ الأجرة على الإمامة والأذان إلا حال الحاجة والضرورة، لقوة الأدلة التي استندوا عليها. وأما ما استدل به من جوز أخذ الأجرة على الأذان وهو حديث أبي محذورة، فقد قال الشوكاني في " نيل الأوطار " (2/ 44 - 45): [وقد عقد ابن حبان ترجمة على الرخصة في ذلك ... قال اليعمري: ولا دليل فيه لوجهين:

الأول: أن قصة أبي محذورة أول ما أسلم، لأنه أعطاه حين علمه الأذان وذلك قبل إسلام عثمان بن أبي العاص فحديث عثمان متأخر. الثاني إنها واقعة يتطرق إليها الاحتمال وأقرب الاحتمالات فيها أن يكون من باب التأليف لحداثة عهده بالإسلام كما أعطى حينئذ غيره من المؤلفة قلوبهم ووقائع الأحوال إذا تطرق إليها الاحتمال سلبها الاستدلال لما يبقى فيها من الإجمال انتهى. وأنت خبير بأن هذا الحديث لا يرد على من قال إن الأجرة إنما تحرم إذا كانت مشروطة لا إذا أعطيها بغير مسألة والجمع بين الحديثين بمثل هذا حسن].انتهى كلامه.

فتاوي لبعض العلماء المعاصرين:

[س: ما حكم تحديد الإمام أجرة لصلاته بالناس خصوصا إذا كان يذهب لمناطق بعيدة ليصلي بهم التراويح؟

ج: التحديد ما ينبغي، وقد كرهه جمع من السلف، فإذا ساعدوه بشيء غير محدد فلا حرج في ذلك. أما الصلاة فصحيحة لا بأس بها إن شاء الله ولو حددوا له مساعدة لأن الحاجة قد تدعو إلى ذلك، لكن ينبغي أن لا يفعل ذلك وأن تكون المساعدة بدون مشارطة، هذا هو الأفضل والأحوط كما قاله جمع من السلف رحمة الله عليهم. وقد يستأنس لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم لعثمان بن أبي العاص رضي الله عنه: واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا وإذا كان هذا في المؤذن فالإمام أولى. والمقصود أن المشارطة في الإمامة غير لائقة وإذا ساعده الجماعة بما يعينه على أجرة السيارة فهذا حسن من دون مشارطة.]

""من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته المنشورة في رسالة: (الجواب الصحيح من أحكام صلاة الليل والتراويح) وهي ضمن "مجموع فتاوى و رسائل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - المجلد الحادي عشر"".

قال الشيخ ابن عثيمين:

[الإمام يشغل منصبا دينيا عظيما، وإذا كان منصبه منصبا دينيا فإنه لايحل له أخذ الأجرة عليه، لأن أمور الدين لا تجوز المؤاجرة عليها، وقد سئل الإمام أحمد عن رجل قال لقوم: لا أصلي بكم القيام في رمضان إلا بكذا وكذا، فقال – رحمه الله تعالى – " نعوذ بالله، ومن يصلي خلف هذا".

وأما أخذ الرَّزق من بيت المال على الإمامة فإن هذا لا بأس به، لأن بيت المال يُصرف في مصالح المسلمين، ومن مصالح المسلمين إمامتهم في مساجدهم، فإذا أعطي الإمام شيئا من بيت المال فلا حرج عليه في قبوله، وليس هذا بأجرة، وكذلك لو قُدر أن المسجد بناه أحد المحسنين وتكفل بجعل شيء من ماله لهذا الإمام فإنه لا بأس بأخذه، لأن هذا ليس من باب المؤاجرة، ولكنه من باب المكافأة، ولهذا لم يكن بين الإمام وصاحب هذا المسجد اتفاق وعقد على شيء معلوم من المال، وإنما هذا الرجل يتبرع كل شهر بكذا لهذا الإمام، وهذا ليس من باب المؤاجرة في شيء] نور على الدرب شريط 173.

والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى صحبه وآله أجمعين.

ملاحظة: أرجو من الإخوة أن يوجهوا سهام النقد والنصح على هذا البحث المختصر حتى تتم الفائدة.

والحمد لله رب العالمين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير