دنياكم)؟!! نقول: لقد ضلوا فيما فهموا؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أنتم أعلم بأمور دنياكم) في أمر الصناعة، وأمر الحرفة، لو جاء النجار، كيف يصنع الباب؟ هل هو أعلم أم الرسول؟ هل النجار الماهر بالصنعة أعلم كيف يصنع هذا الباب أم النبي صلى الله عليه وسلم؟ الجواب: النجار؛ لأن الرسول تحدث عن هذا في أمر صناعي، وذلك أنه لما قدم المدينة وجد الناس يصعدون إلى فحل النخل ويأخذون الطلع، ثم يصعدون إلى النخلة ويلقحونها، فكم تعب الإنسان؟ أربع مرات، صعود الفحل والنزول منه، وصعود النخلة والنزول منها أربع مرات تقتضي جهداً ووقتاً، فقال لهم: (لو لم تفعلوا لصلح) لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يريد من المرء أن يكون حازماً، وألا يضيع دقيقة واحدة من عمره إلا في فائدة، فظن أن المسألة ليس فيها فائدة؛ لأنه لم يعش في بلد زراعة ونخيل، أين عاش؟ في مكة في بلد غير ذي زرع، ولا يعرف من هذا شيئاً، فتركوا النخل بدون تلقيح ففسد النخل وخرج البلح شيصاً، فجاءوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقالوا: يا رسول الله! فسد النخل، فقال لهم: (أنتم أعلم بأمور دنياكم) أي: أنتم أعلم في الحرفة والصنعة لا في الحلال والحرام، ولهذا نظم الرسول صلى الله عليه وسلم بيع النخل، فقد نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، وأطول آية في القرآن تتعلق بالبيع والدين في أمور الدنيا. فهؤلاء الذين ظنوا أن وضع القوانين المخالفة للشرع في الحكم بين الناس والرجوع إليها عند التنازع أخطئوا في فهم هذا الحديث، والواجب أن يبلغوا أنهم مخطئون؛ فإن أصروا على المخالفة وعلى رفع الحكم الشرعي ووضع القانون بدله فهذا -والعياذ بالله- كفر، هذا الكفر. وأما تعلم الإنسان للقوانين الوضعية، إذا كان يتعلمها من أجل أن يدفع الباطل بالحق؛ فهذا لا بأس به، وإذا كان يتعلمها من أجل أن يتبع ما فيها من القوانين المخالفة للشرع؛ فهذا حرام. وفي هذا نقول: حتى المحاماة في بلد تحكم الشريعة فيه نقول: إذا كان المحامي يريد إيصال الحق إلى أهله؛ فلا بأس أن يمارس هذه المهنة، وإن كان يريد أن يغلب الناس في قوله ومحاماته بالحق أو بالباطل؛ فهذا حرام].
الشيخ العلامة ابن عثيمين. " لقاء الباب المفتوح " شريط " 33 ".
السؤال:
[ما رأي فضيلة الشيخ من انشغالي بالمحاماة؛ من حيث الترافع أمام المحاكم المدنية للدفاع عن القضايا المدنية والتجارية التي بها شبهة الربا؟ تفضلوا حفظكم الله بالإجابة].
الجواب:
[لاشك أن كون الإنسان ينوب عن غيره في الخصومة لا بأس به، ولكن الشأن في نوعية الخصومة:
فإذا كانت بحق والنائب إنما يدلي بما عنده من حقائق، ليس فيها تزوير ولا كذب ولا احتيال، وهو ينوب عن صاحب القضية لإبداء ما معه من البيِّنة والبراهين على صدق ادعائه أو دافع به؛ فهذا لا بأس به.
أما إذا كانت الخصومة في باطل، أو يخاصم النائب أو الوكيل عن مبطل؛ فهذا لا يجوز؛ فالله جلّ وعلا يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا} [سورة النساء: آية 105].
وكلنا يعرف أنه إذا كانت القضية قضية حق، ولا يستعمل فيها شيء من الكذب والتزوير؛ فهذا شيء لا بأس به، خصوصًا إذا كان صاحب القضية ضعيف، لا يستطيع الدفاع عن نفسه، أو لا يستطيع إقامة الدعوى لحقه؛ فكونه ينيب من هو أقوى منه جائز في الشرع. والله تعالى يقول: {فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [سورة البقرة: آية 282]؛ فالنيابة عن الضعيف لاستخراج حقه أو دفع الظلم عنه شيء طيب.
أما إذا كان خلاف ذلك؛ بأن كان فيه إعانة لمبطل، أو دفاع عن ظالم، أو بحجج مزيفة ومزورة، والوكيل أو النائب يعلم هذا، أو القضية من أصلها باطلة، وكالنيابة في أمر محرم؛ كالربا؛ فهذا لا يجوز؛ فلا يجوز للمسلم أن يكون نائبًا أو وكيلاً في باطل، ولا محاميًا في المعاملات الربوية؛ لأنه يكون معينًا على أكل الربا، فتشمله اللعنة].
الشيخ العلامة الفوزان. " المنتقى " ج 3.
ـ[بندر لنبهان]ــــــــ[10 - 02 - 07, 10:14 ص]ـ
وهذه فتوى الشيخ على بن خضير الخضير حفظه الله حول العمل في المحاماة.
فقد سأل الشيخ علي الخضير في لقاء معه في منتدى السلفيون.
هل يجوز العمل في مهنة المحاماة في ظل القوانين الوضعية؟
فأجاب:
الجواب:
لا يجوز إذا كان فيها تقيد بقوانين معينة أو أنظمة معينة تخالف الشرع.
فان العمل بالقوانين المخالفة للشرع - وهو يعلم أنها مخالفة – مختارا؛ هو كفر وردة وإيمان بالطاغوت - والعياذ بالله - قال تعالى: {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به}.
أما إن كان يحامي ويدافع عن المسلمين دون أن يرتكب كفرا أو معصية ولا رضي بقوانين والتمشي عليها، وليس في ظل القوانين الوضعية الجاهلية؛ فلا مانع.
لحديث: (من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل)، ولقوله تعالى: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره}، ولحديث: (المسلم للمسلم كالبنيان)، وغيرها.
لكنك قلت في السؤال؛ "انه يعمل في ظل القوانين الوضعية الجاهلية".
وعليه؛ فلا يجوز، وفيه الجواب الذي ذكرنا في أول الجواب، وإنما يصبرون كما حصل للصحابة لما كان يتابعهم طواغيت قريش في مكة، فما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم - وحاشاه - كفرا أو ردة من اجل الدفاع عنهم، إنما الصبر أو الهجرة إلى مكان آمن، حتى يأتي الجهاد أو الفرج.
¥