وقد سأل ابنُ القاسم مالكاً رحمه الله عن: ( .. الرجل المسافر يمر بقرية من قراه في سفر، وهو لا يريد أن يقيم بقريته تلك إلا يومه وليلته، وفيها عبيده وبقره وجواريه، وليس له بها أهل ولا ولد؟ قال: يقصر الصلاة، إلا أن يكون .. فيها أهله وولده؛ فإن كان فيها أهله وولده أتم الصلاة. قلت: أرأيت إن كانت هذه القرية التي فيها أهله وولده مر بها في سفره، وقد هلك أهله وبقي فيها ولده أيتم الصلاة أم يقصر؟ قال: يقصر) ([107]).
ومَنْ كان عزباً لا زوجة له، ولم ينو القرار في مكان فدار إقامته هي مكان إقامة والديه ([108])؛ كما هي عادة أكثر العُزَّاب.
وإذا نزل المسافر في دار أبيه أو ابنه فلا يُعتبر مقيماً بمجرد ذلك ([109]).
السبب الخامس: المتاع والأثاث.
بنقله أو شرائه من مكان نزوله، وهذا وصف مساعدٌ مؤكدٌ، لا يستقل وجودُه بوجود الإقامة، ولا انتفاؤه بنفيها. ابن الهمام (5/ 106) مهم
وقد قرر أحمد بأن الملاّح الذي معه أهله وتنوره لا يقصر ([110]).
السبب السادس: الارتباط بمصالح البلد الذي نزله.
وهي في الوقت الحاضر علامة من علامات الإقامة والطمأنينة؛ كفتح العمل التجاري، وتسجيل الأولاد في المدارس أو توظيفهم، ونحو ذلك.
فالناس إذا سُئِلوا عن شخص هل هو مقيم أو لا؟ كانت إجابتهم بذكر هذه الارتباطات أو بعضها.
وهذا عند أهل العرف وصف مساعد فقط.
دقائق أولي النهى (3/ 469) (و) إن حلف (لا يسكن الدار) أو البلد (فدخلها أو كان فيها غير ساكن) كالزائر (فدام جلوسه لم يحنث) قال الشيخ تقي الدين: الزيارة ليست بسكنى اتفاقا ولو طالت مدتها
كشاف القناع (6/ 267) أن الانتقال لا يكون إلا بالأهل والمال) ولهذا يقال: فلان ساكن في البلد الفلاني وهو غائب عنه
ولو خرج ثم عاد إليها لنحو عيادة أو زيارة لم يحنث ما دام يطلق عليه زائر أو عائد عرفا وإلا حنث
رد المحتار (3/ 752) قال في الخلاصة وفي الأصل لو دخل عليه زائرا أو ضيفا فأقام فيه يوما أو يومين لا يحنث والمساكنة بالاستقرار والدوام وذلك بأهله ومتاعه
حكم الحلف على سكنى البيت: 16 - لو حلف لا يسكن بيتا , ولا نية له , فسكن بيتا من شعر أو فسطاطا أو خيمة , لم يحنث إن كان من أهل الأمصار , وحنث إن كان من أهل البادية ; لأن البيت اسم لموضع يبات فيه , واليمين تتقيد بما عرف من مقصود الحالف , وأهل البادية يسكنون البيوت المتخذة من الشعر , فإذا كان الحالف بدويا يحنث , بخلاف ما إذا كان من أهل الأمصار.
تطبيقات عرفية في الإقامة والسفر
أمثلة على الإقامة أو بقاء حكمها:
1. من ملك أو استأجر بيت المثل، ونوى النزول مدة طويلة عرفاً بنية مستقرة؛ كسنة مثلاً، ويقوى وصف إقامته إذا كان متأهلاً.
2. الطالب المغترب داخل البلاد أو خارجها الذي يقصد الإقامة مدة طويلة في سكن الجامعة، أو سكن خاص.
3. إذا كان الطالب المغترب قبل اغترابه يسكن عند والده ـــ كالعزب ومن يسكن مع والده متأهلاً، وكان له في بيت والده ما يؤويه عادة ـــ فيُعتبر نزوله عند والده فترة الإجازة الصيفية من الإقامة، بل قد يُعتبر مستوطناً؛ لأنه بسكناه مكان دراسته لم يرفض سكنى وطنه الأول.
4. من نزل بيت المثل وله فيه زوجة مقيمة فهو فيه مقيم، وإن كان نزوله أياماً معدودات، وإذا تخلف وصف التأهل لم يُعتبر مقيماً بمجرد النزول فلا بد من نية مدة الإقامة.
5. الحجاج المكيون في المشاعر يُعتبرون في حكم الإقامة؛ لكون المشاعر قد صارت جزءاً من مكة، أو من توابعها؛ فإن الأحياء التي امتدت شرقاً بمحاذاة المشاعر قد قاربت عرفة؛ فالأقرب عدم ترخصهم؛ فشأنهم في ذلك هو شأن المزارعين الذين يخرجون إلى مزارعهم في ضواحي
البلد، ويحتاجون مع ذلك إلى مبيت وتزود، ولكن هؤلاء المزارعين
لا يُعتبرون مسافرين عرفاً لكون مزارعهم من توابع البلد، وأن ما يقطعونه من المسافة لا يُعتبر أدنى مسافة السفر العرفية ([111])، وكذلك الحال في المكيين من الحجاج عند خروجهم إلى عرفة.
وغاية الأمر أن يكون الحكم العرفي مشكوكاً فيه عند الحجاج المكيين؛ فعليهم استصحاب حكم الإقامة؛ فلا رخصة لهم.
¥