فلذلك لا تدل النصوص دلالة بمنطوقها ولا بمفهومها على تحريم التصوير الفوتوغرافي، و لا تدل كذلك بالعلة التي بينها النبي ? على تحريمه لأنه بيَّن العلَّة وهي أنهم يُضاهُون خلق الله "فليخلقوا ذرة، فليخلقوا شعيرة" والمصوِّر الفوتوغرافي لا يُضاهي خلق الله وإنما يحبس ظِلَّ خلق الله كما هو.
ولذلك فالتَّصوير الحقيقي المحرم الذي هو بالرَّسم أو النَّحت لا يتقنه إلا من كان من أهل المهارة والدُّربة، ويتنافس الناس فيه، وهو غالي الثمن، ولم يستثني النبي ? منه إلا رقماً في ثوب فالرقم في الثوب منه مباح: أي الشيء اليسير الصغير وما عدى ذلك حرَّمه، أما التصوير الفوتوغرافي فيفعله الصبيان والصغار ومن ليست لديهم أيَّة مهارة في الرسم فدلَّ هذا على أنه ليس مُضاهاةً لخلق الله.
والتصوير الفوتوغرافي لا يُنسب إلى فاعله فأنت إذا رأيت صورة لا يمكن أن تسأل من الذي صور هذه الصورة أو من الذي فعلها فليس فيها مهارة في الواقع لأن العبرة بالجهاز ودقته وجودة ألوانه فالعبرة بالآلة التي صورت.
وعلى هذا، فلا يحرم من التصوير الفوتوغرافي إلا ما كان تصويراً لما لا يحل النَّظر إليه، فما لا يجوز النَّظر إليه كالعورات، وكالنِّساء المتكشفات لا يحلُّ تصويره ولا اقتناء صوره وما يجوز النَّظر إليه بالمباشرة يجوز اقتناء صوره لأي هدف من الأهداف سواء كان ذلك للتعريف كالصور التي توضع في جوازات السفر أو في بطاقات التعريف أو كان لغير ذلك فليس هو محل ضرورة حتى يقتصر عليها بل يجوز مطلقاً حتى للذكرى.
وبالنسبة للصورة المكبّرة ينبغي أن لا تكون تلك الصُّورة مُعظَّمة بادية كصور الزعماء. مثلاً: إذا كانت صورة لحيوان أو لشخص غير معروف فليس في هذا حرج، لكن إذا كانت صورة مُكبَّرة لزعيم من الزعماء فهذا لا يجوز لأن فيه ذريعة لتعظيم غير الله تعالى مثل ما يفعله النصارى في كنائسهم.
لكن الصور الصغيرة مثل صورة غزال أو نحو ذلك من الحيوانات التي قد تكون في بعض الثياب لا حرج في لبس الثوب بها، مع أنه غير محمود.
www.dedew.net
ـ[عصام فرج محمد مدين]ــــــــ[16 - 02 - 07, 11:48 م]ـ
جزاكم الله خيرا على هذا الجهد وزادكم علما
ـ[ابن عمر عقيل]ــــــــ[17 - 02 - 07, 09:30 ص]ـ
بِِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
حُكْمُ الصُّورِ الفوتوغرافية
فتوى للشَّيخ محمَّد الحسن ولد الدَّدُو الشَّنقيطي حفظه الله تعالى
إن الصُّور الفوتغرافية التي تعمل عن طريق تحميض الظِّل الذي يحبس بواسطة العدسة المغناطيسية التي تنقل الظلال فتعكسها في داخل الكاميرا، ثم بعد ذلك بالتحميض تطبع صورة مماثلة لها، سواء كان ذلك بالمباشرة كالصُّور الفوريَّة، أو كان عن طريق وضعها أولاً على الشريحة البلاستيكية التي تسمى بـ (الكليشة) ثم طبع صور عليها: كل هذا ليس هو التصوير الذي جاءت فيه النُّصوص الشَّرعية؛ فالنُّصوص التي جاءت عن النبي ? في منع التصوير دلالتها إنما هي على ما يسمى صورة في لغة العرب في وقت كلام النبي ? بذلك.
وقد حرَّم النبي ? التصوير وحذر منه، وبين أن الذين يصوِّرون يُعذَّبون يوم القيامة حتى ينفخوا الروح في فيما صوروه وما هم بنافخين. فقال:"من صور ذا روح عذب يوم القيامة حتى ينفخ فيه الروح وما هو بنافخ"، وبين أنهم أشد الناس عذاباً يوم القيامة، وبيَّن أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، وكل ذلك إنما هو فيما يسمى صورة في لغة العرب وهذا التحميض لم يكن العرب يعرفونه، فأول ما عرف في القرن الثالث عشر الهجري فلم يكن يسمى بالصورة في لغة العرب ولا تصدق عليه هذه الكلمة، لا في النصوص الشرعية ولا في مفردات اللغة.
وتغير دلالات اللغة لا يقتضي تغير الأحكام بدلالة النصوص، لأن النبي ? قال: "إن قوماً في آخر الزمان يستحلون الخمر يسمونها بغير اسمها" فلو كانت تسمية الشيء بغير اسمه تغيرحكمه لكان الذي فعله هؤلاء مباحاً حين لم يشرب الخمر في زعمهم وإنما شربوا ما يسمونه الكحول أو بالمشروب الروحي أو بغير ذلك.
¥