تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

خَطَبَ الْمَرْأَة فَلَمْ يَجِد لَهَا مَهْرًا " زَوَّجْتُكَهَا عَلَى مَا مَعَك مِنْ الْقُرْآن " وَتَأَوَّلُوا حَدِيث عُبَادَة عَلَى أَنَّهُ كَانَ تَبَرَّعَ بِهِ، وَنَوَى الِاحْتِسَاب فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ وَقْت التَّعْلِيم إِلَى طَلَب عِوَض وَنَفْع فَحَذَّرَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبْطَال أَجْره وَتَوَعَّدَهُ عَلَيْهِ، وَكَانَ سَبِيل عِبَادَة فِي هَذَا سَبِيل مَنْ رَدّ ضَالَّة لِرَجُلِ أَوْ اِسْتَخْرَجَ لَهُ مَتَاعًا قَدْ غَرِقَ فِي بَحْر تَبَرُّعًا وَحِسْبَة فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذ عَلَيْهِ عِوَضًا، وَلَوْ أَنَّهُ طَلَبَ لِذَلِكَ أُجْرَة قَبْل أَنْ يَفْعَلهُ حِسْبَة كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا. وَأَهْل الصُّفَّة قَوْم فُقَرَاء كَانُوا يَعِيشُونَ بِصَدَقَةِ النَّاس، فَأَخْذُ الْمَال مِنْهُمْ مَكْرُوه وَدَفْعُهُ إِلَيْهِمْ مُسْتَحَبّ.

وَقَالَ بَعْض الْعُلَمَاء: أَخْذ الْأُجْرَة عَلَى تَعْلِيم الْقُرْآن لَهُ حَالَات، فَإِذَا كَانَ فِي الْمُسْلِمِينَ غَيْره مِمَّنْ يَقُوم بِهِ حَلّ لَهُ أَخْذ الْأُجْرَة عَلَيْهِ لِأَنَّ فَرْض ذَلِكَ لَا يَتَعَيَّن عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ فِي حَال أَوْ فِي مَوْضِع لَا يَقُوم بِهِ غَيْره لَمْ تَحِلّ لَهُ الْأُجْرَة، وَعَلَى هَذَا يُؤَوَّل اِخْتِلَاف الْأَخْبَار فِيهِ اِنْتَهَى.

وَقَالَ فِي فَتْح الْوَدُود: قَالَ السُّيُوطِيُّ أَخَذَ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيث قَوْم وَتَأَوَّلَهُ آخَرُونَ، وَقَالُوا هُوَ مُعَارَض بِحَدِيثِ " زَوَّجْتُكهَا عَلَى مَا مَعَك مِنْ الْقُرْآن " وَحَدِيث اِبْن عَبَّاس " إِنَّ أَحَقّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَاب اللَّه ".

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ رِجَال إِسْنَاد عُبَادَة كُلّهمْ مَعْرُوفُونَ إِلَّا الْأَسْوَد بْن ثَعْلَبَة فَإِنَّا لَا نَحْفَظ عَنْهُ إِلَّا هَذَا الْحَدِيث وَهُوَ حَدِيث مُخْتَلَف فِيهِ عَلَى عُبَادَة، وَحَدِيث اِبْن عَبَّاس وَأَبِي سَعِيد أَصَحّ إِسْنَادًا مِنْهُ اِنْتَهَى.

قُلْت: الْمَشْهُور عِنْد الْمُعَارَضَة تَقْدِيم الْمُحْرِم، وَلَعَلَّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ عِنْد التَّسَاوِي لَكِنْ كَلَام أَبِي دَاوُدَ يُشِير إِلَى دَفْع الْمُعَارَضَة بِأَنَّ حَدِيث اِبْن عَبَّاس وَغَيْره فِي الطِّبّ، وَحَدِيث عُبَادَة فِي التَّعْلِيم، فَيَجُوز أَنْ يَكُون أَخْذ الْأُجْرَة جَائِزًا فِي الطِّبّ دُون التَّعْلِيم وَقِيلَ هَذَا تَهْدِيد عَلَى فَوْت الْعَزِيمَة وَالْإِخْلَاص، وَحَدِيث اِبْن عَبَّاس لِبَيَانِ الرُّخْصَة اِنْتَهَى مَا فِي فَتْح الْوَدُود.

وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنه عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء مَرْفُوعًا " مَنْ أَخَذَ عَلَى تَعْلِيم الْقُرْآن قَوْسًا قَلَّدَهُ اللَّه مَكَانهَا قَوْسًا مِنْ نَار جَهَنَّم يَوْم الْقِيَامَة " قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَالْحَدِيث ضَعِيف.

5 - قال ابن قدامة رحمه اله في المغني:

وَفِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْحَجِّ، وَالْأَذَانِ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْفِقْهِ، وَنَحْوِهِ، مِمَّا يَتَعَدَّى نَفْعُهُ، وَيَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ، رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا، لَا يَجُوزُ.

وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِسْحَاقَ.

وَالْأُخْرَى، يَجُوزُ.

وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {أَحَقُّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ} رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَأَخَذَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُعْلَ عَلَى الرُّقْيَةِ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَأَخْبَرُوا بِذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَوَّبَهُمْ فِيهِ.

وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ، فَجَازَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ، كَبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ.

وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ كَانَ يُعَلِّمُ رَجُلًا الْقُرْآنَ، فَأَهْدَى لَهُ قَوْسًا، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: {إنْ سَرَّك أَنْ تَتَقَلَّدَ قَوْسًا مِنْ نَارٍ، فَتَقَلَّدْهَا} وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ: {وَاِتَّخِذْ مُؤَذِّنًا، لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا}.

وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ يَخْتَصُّ فَاعِلُهَا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ، فَلَمْ يَجُزْ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهَا، كَالصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ.

وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الَّتِي فِي أَخْذِ الْجُعْلِ وَالْأُجْرَةِ، فَإِنَّمَا كَانَتْ فِي الرُّقْيَةِ، وَهِيَ قَضِيَّةٌ فِي عَيْنٍ، فَتَخْتَصُّ بِهَا

ثم قال: " وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ أَخْذِ النَّفَقَةِ جَوَازُ أَخْذِ الْأُجْرَةِ، بِدَلِيلِ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ وَالْإِمَامَةِ، يُؤْخَذُ عَلَيْهَا الرِّزْقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَهُوَ نَفَقَةٌ فِي الْمَعْنَى، وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهَا."

أي أن ابن قدامة فرق بين الإجارة بين المحفظ والطالب، وبين ما تخصصه الدولة (بيت المال) للمحفظين.

وفي المسألة كلام كثير وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اّله وصحبه وسلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير