تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

62. مكبرات للصوت تعتبر من الوسائل, وهي خاضعة للاجتهاد وحادثة وتستعمل في عبادة, لكنها ليست من الغايات, فدخلت في حيز الاجتهاد, وهذه الأمور تتفاوت فيها وجهات النظر, فمنهم من يضيق تضييقاً شديداً, ومنهم من يتوسع توسعاً غير مرضي, وخير الأمور الوسط.

63. من أهل العلم المعروفين من رفض استعمال هذه المكبرات الصوتية بحجة أنها أمور حادثة تستعمل في عبادة من أعظم العبادات وهي الصلاة, ومن الشيوخ من مات وهو لا يستعملها لا في صلاته ولا في خطبته, ومن أهل العلم من رأى أن مصلحتها راجحة, والمفسدة لا تكاد تذكر في جانب المصلحة العظيمة, فرأى أن استعمال مثل هذه الآلات يحقق مصلحة ولا يترتب عليه مفسدة ولو استعمل في عبادة. والمقصود أن مثل هذه الأمور تُقَدَّر بقدرها.

64. هناك ضابط وضعه بعض أهل العلم وهو أنه كل ما كانت الحاجة داعية إليه في عهد النبي عليه الصلاة والسلام ولم يفعله فإنه بدعة, والحاجة كانت داعية بلا شك إلى تبليغ الصوت إلى البعيد, بدليل أن آخر الصفوف لا يسمعون القراءة, لكن مثل هذه الآلات لم تكن موجودة في عصره عليه الصلاة والسلام, وفي عهد السلف يستعملون المستملي الذي يبلغ عن المتكلم في الجموع الكثيرة, وهذه الآلة تقوم مقام المستملي.

65. الخطوط في فرش المسجد ينطبق عليها الحد الذي حُدِّد في تعريف البدعة, فالحاجة داعية إلى مثل هذا في عهده عليه الصلاة والسلام ولم يفعله, لكن الحاجة في عهده عليه الصلاة والسلام ليست بمستوى الحاجة بعده عليه الصلاة والسلام, لأن النبي عليه الصلاة والسلام بإمكانه أن يخط برجله في الرمل ويستوون على هذا الخط, وصفه عليه الصلاة والسلام يمكن تسويته لقلة من في الصف, لكن في الجوامع الكبرى والحرمين لا يمكن تنظيم الناس بمجرد الكلام, وكثير من الناس يتساهل في تطبيق السنن ومنهم من يجهل, ويلاحظ أن الصفوف في الحرمين رغم وجود الخطوط والسجاد تحتاج إلى تعديل, وكانت مصليات الأعياد قبل أن تفرش بالفرش تكون الصفوف فيها كالأقواس لا يمكن تعديلها, وعلى كل حال هذه الخطوط مما تتجاذبه وجهات النظر, لكن يبقى أنه إذا زادت المصلحة وغمرت المفسدة في سبيل تحقيق هذه المصلحة ينبغي ألا يلتفت إلى المفسدة.

66. الخط المحاذي للحجر الأسود رأى أهل العلم أنه يحقق مصلحة والمفسدة مغمورة, لكن زادت المفسدة هذه الأيام لأنهم صاروا يقصدون الخط ويصلون عليه ويضيقون على الطائفين, فلا بد من إيجاد بديل لهذا الخط, ولا شك أن المصالح والمفاسد تزيد وتنقص من وقت لآخر.

67. قوله (كل بدعة ضلالة): عام في كل ما يبتدع في أمور الدين, لكن هل هو عام باقٍ على عمومه أو عام مخصوص كما يقول بعض أهل العلم؟ من أهل العلم من يرى أنه من العام المخصوص, والصحيح أنه باقٍ على عمومه وأن كل ما أحدث في الدين من غاياته ومقاصده ووسائله القريبة من الغايات كل ذلك ضلالة.

68. من أهل العلم من يقسم البدع إلى بدع واجبة وبدع مستحبة بدع مباحة, وكيف يكون ذلك والنبي عليه الصلاة والسلام يقول (وكل بدعة ضلالة)؟!! منهم من يقول هناك بدع محمودة ومستحسنة وبدع مذمومة, ويستدل بقول عمر في صلاة التراويح (نعمت البدعة هذه) , وإذا نظرنا إلى صلاة التراويح التي جمع عمر رضي الله عنه الناس عليها وأردنا أن نطبق التعريف اللغوي عليها نجد أنها عملت على مثال سابق فليست ببدعة لغوية لأن البدعة اللغوية ما عملت على غير مثال سابق. وإذا أردنا أن نطبق التعريف الشرعي عليها نجد أنها قد سبق لها شرعية من فعله عليه الصلاة والسلام, النبي عليه الصلاة والسلام حيث صلى بأصحابه ليلتين أو ثلاث جماعةً في ليالي رمضان ثم تركها لا رغبةً عنها ولا نسخاًَ لها ولا رفعاً لحكمها وإنما خشية أن تفرض, فليست ببدعةٍ شرعية. الشاطبي يقول هي بدعةٌ مجازاً, وشيخ الإسلام في الاقتضاء يقول إنها بدعة لغوية, وتبعه على هذا كثير من أهل العلم, لكن الصواب أن هذا من باب المشاكلة والمجانسة في التعبير, وهذا أسلوب مطروق في لغة العرب وفي النصوص أيضاً كما في قوله تعالى (وجزاء سيئة سيئة مثلها).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير