90. قوله (من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كالحمار يحمل أسفاراً): وجه الشبه بينهما هو عدم الانتفاع, فهذا لا ينتفع بحضور الجمعة وذاك لا ينتفع بما على ظهره من الأسفار, كقول الشاعر: كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول.
91. قوله تعالى (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً) معنى لم يحملوها لم يعملوا بها, وإلا فهم حملوها بالنظر فيها لكن لم يعملوا بما فيها, بدليل أن الحمار يحمل, ولا يتم التشبيه إلا إذا كانوا حملوها ثم لم يعملوا بها, لأن الحمل المراد منه العمل.
92. كل من لم يعمل بعلمه فهو جاهل لأنه عاص بدليل قوله تعالى (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة) فكل من عصى الله فهو جاهل.
93. هذا الذي تكلم والإمام يخطب لم يستفد الأثر المرتب على الجمعة, وإلا فجمعته صحيحة ومسقطة للطلب, بمعنى أنه لا يؤمر بإعادتها, لكن الثواب المرتب على الجمعة لا يحصل له.
94. قوله (والذي يقول له أنصت ليست له جمعة): الذي تكلم كمثل الحمار يحمل أسفاراً, والذي قال له أنصت ليست له جمعة, وفي حديث أبي هريرة (إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت) فأيهما أشد؟ أما بالنسبة للأول فلا وجه لكلامه, والثاني على ما ارتكبه من محظور إلا أنه ينتابه أمران مأمور ومحظور, لأن الأول عصى وارتكب محظوراً بالكلام حال الخطبة, وقد جاء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا منكر, فكونه قال له أنصت وأمره بالمعروف وهو الإنصات فقد امتثل الأمر, لكنه مع ذلك كله فقد لغا وليس له جمعة, فكيف بمن تكلم بغير فائدة ولا مصلحة ابتداءً؟!! إذا كان من ينكر المنكر ويأمر بالمعروف هذا وضعه, فكيف بمن يتكلم ابتداء بكلام لا حاجة إليه؟!!.
95. قوله (والإمام يخطب) مفاده عدم جواز الكلام حال خطبة الإمام, ومعنى هذا أنه قبل أن يبدأ بالخطبة أو إذا جلس بين الخطبتين أو إذا فرغت الخطبة قبل الصلاة يجوز له أن يتكلم.
96. هل لزوم الإنصات لمن كان داخل المسجد أو لكل من سمع الخطبة؟ بمعنى أنك لو جاء شخص والإمام يخطب ووجدت شخصاً يبيع عند باب المسجد ثم قال له (إن البيع والشراء بعد أذان الجمعة الثاني حرام والبيع باطل) هل يجوز له ذلك؟ أو أن هذا خاص بمن يستمع الخطبة؟ هذا له توابع, لأنا لو قلنا بهذا لقلنا بمنع من في البيوت من المعذورين من الكلام لأنهم يسمعون الخطبة, لكن هذا خاص بمن دخل وقصد الجمعة وجاء لاستماعها, لأنه قبل أن يدخل المسجد لم تثبت في حقه الأحكام, بدليل أنه بإمكانه أن يصل إلى هذا المسجد الذي يسمع خطبة إمامه ثم يتحول إلى مسجد آخر يتأخر في الدخول ليدرك خطبته كاملة, فهو بالخيار قبل أن يدخل المسجد, لكن إذا دخل لا يجوز له أن يخرج, وإذا كان خارج المسجد فإنه إلى الآن لم يباشر الصلاة وأسبابها.
97. إذا مررت بمسجد وأنت تمشي إلى مسجد آخر وتسمع القرآن من المسجد الذي مررت به وباقٍ عليك شيء من أذكارك هل يجب عليك استماع هذا القرآن أو لك أن تكمل أذكارك؟ الجواب: إذا دخلت المسجد ووصلت إلى المصلين لزمتك الأحكام ولزمك الإنصات, وإذا وصلت إلى المصلين فقد دخلت المسجد حكماً, وما دمت وصلت إلى موضع الصلاة فأنت تابع للإمام, ومطالب بما يطالب به المستمع.
98. قوله (فقد لغوت): جاء في بعض الأخبار (من لغا فلا جمعة له) وجاء في حديث ابن عمر عند أبي داود وابن خزيمة (من لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهراً) يعني هي مجزئة ومسقطة للطلب لا يؤمر بإعادتها, لكن الأجر الزائد على صلاة الظهر لا يثبت له.
99. الكلام والإمام يخطب حرام في القول الراجح عند أهل العلم وإن قال بعضهم بكراهته, لكن هذه النصوص تدل على أنه حرام.
ـ[أبوهاجر النجدي]ــــــــ[06 - 07 - 07, 11:14 م]ـ
¥