172. وهذه المسألة قال فيها الترمذي (والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم, يستحبون استقبال الإمام إذا خطب, وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق) عملاً بحديث الباب على ضعفه ولما يشهد له من حديث البراء وعمل الصحابة, وعلى كل حال من عمل به لأنه عمل هؤلاء المتقدمين فلا بأس, ومن تركه باعتبار أن الخبر لا تقوم به حجة فلا بأس, لأن ضعفه شديد لا يقبل الانجبار.
173. حديث الحكم بن حزن (شهدنا الجمعة مع النبي صلى الله عليه وسلم فقام متكئاً على عصا أو قوس): الحكم بن حزم مخزومي من مسلمة الفتح, وهذا الحديث لا بأس بإسناده, إسناده حسن.
174. اعتماداً على مثل هذا نص الفقهاء على أنه يستحب للخطيب أن يعتمد على عصا أو قوس أو سيف, بعضهم قال يعتمد على السيف, ويعللون هذا بالإشارة إل أن الإسلام انتشر بالسيف. وجاء في بعض الأخبار أنه كان يعتمد على عنزة, لكن لم يحفظ عنه أنه توكأ على سيف, يقول ابن القيم: وكان أحياناً يتوكأ على قوس, ولم يحفظ عنه أنه توكأ على سيف, وكثير من الجهلة يظن أنه كان يمسك السيف على المنبر إشارة إلى أن الدين إنما قام بالسيف وهذا جهل قبيح. الدين انتشر بالدعوة, ومما انتشر به الدين الفتوح التي كانت بالجهاد, لكن لا يتعين الجهاد لنشر الإسلام, فالجهاد باب من أبواب النشر, وفعله النبي عليه الصلاة والسلام وفعله أصحابه, ولم يكن السيف هو الوسيلة الوحيدة لإخضاع الناس للدين.
175. من أهل العلم من يرى أن الاعتماد على القوس أو على العصا يكون إذا خطب على الأرض فقط, وأما إذا خطب على المنبر فلا, ولذا يقول الألباني رحمه الله تعالى ضمن كلام طويل: الظاهر من تلك الأحاديث أن الاعتماد على القوس والعصا إذا خطب على الأرض. لأنه عليه الصلاة والسلام كان يخطب على الأرض, فلما كثر الجمع قيل له (لو اتخذت منبراً) فكان يستند إلى الجذع.
تم الشروع في تقييد فوائد هذا الشرح المبارك قبيل غروب شمس يوم الثلاثاء السابع والعشرين من جمادى الأولى عام ثمانيةٍ وعشرين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية المباركة, وتم الفراغ من تقييد فوائده قبيل غروب شمس يوم الجمعة الحادي والعشرين من جمادى الآخرة من العام نفسه, وكان قد تخلل ذلك رحلةٌ إلى نجد في أيام معدودة, وكان تقييد هذه الفوائد قرب برلين في مدينة من مدن الكفار الحقيرة يقال لها (درسدن).
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[07 - 07 - 07, 01:29 ص]ـ
بوركت أيها الأخ الفاضل
ـ[طالبة سنة]ــــــــ[07 - 07 - 07, 03:01 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
بالنسبة لحديث: (من ترك ثلاث جمع طبع الله على قلبه)
ما صحة الحديث؟ ومن أخرجه؟
إذا وافق شخص سفر ثلاث جمع متتاليات هل يدخل في هذا الحديث؟
ـ[أبوهاجر النجدي]ــــــــ[07 - 07 - 07, 04:13 ص]ـ
أخي الفاضل أبا عبد العزيز الشثري ... وفيك بارك الله ...
وقد حصل سقطٌ في الحديث أعلاه (من ترك ثلاث جمعٍ طبع الله على قلبه) وصوابه (من ترك ثلاث جمعٍ تهاوناً بها طبع الله على قلبه) ...
وأما درجة الحديث فقد صححه الألباني في صحيح أبي داود (928) ...
وقال الشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز العقل في تخريج الحديث: أخرجه أبو داود في سننه، باب التشديد في ترك الجمعة حـ (1052) - عن مسدد عن يحيى بن عمرو عن عبيدة بن سفيان عن أبي الجعد الضمري،قال أبو داود: (وكانت له صحبة).
وأخرجه أيضاً أحمد في مسنده (3/ 424 – 425)، والترمذي في جامعه في الصلاة، باب ما جاء في ترك الجمعة من غير عذر حـ (500)، والنسائي في سننه 3/ 88، باب التشديد في التخلف عن الجمعة، والدارمي (1/ 369)، والبيهقي (3/ 172)، والحاكم (1/ 280) .. كلهم من طريق محمد بن عمرو به والحديث صححه ابن خزيمة حـ (1857)، وابن حبان حـ (2786) كما في صحيحيهما وقد جاء من حديث جابر رواه ابن ماجة في سننه حـ (1126)، وأحمد في مسنده بلفظ:" من ترك الجمعة ثلاثاً من غير ضرورة طبع الله على قلبه ". وصححه الحاكم في مستدركه (1/ 292) والبوصيري في مصباح الزجاجة.
وقد جاء أيضاً من حديث عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه باللفظ السابق، رواه أحمد في مسنده حـ (22558) لكن المحفوظ كما قال أبو حاتم في العلل (1/ 203) أنه من رواية عبد الله بن أبي قتادة عن جابر.
انتهى كلامه حفظه الله ..
وأما المسافر فقد قال فيه الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: أما الجمعة فليس على المسافر جمعة ولا تصح منه، بل عليه أن يُصلي ظهراً؛ لكن إذا مرّ على قرية وصلى معهم الجمعة أجزأته عن الظهر، ولا يجوز للمسلم إذا كان غير مسافر أن يترك صلاة الجمعة لا مرة ولا أكثر بل عليه أن يُحافظ عليها مع المسلمين؛ لأنها فرض الوقت بإجماع المسلمين، وليس لأحد من المقيمين في بلد أن يتخلف عنها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لينتهين أقوام عن تركهم الجمعة، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكوننّ من الغافلين)) [2] أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.
وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم الوعيد لمن تخلّف عنها ثلاث مرات بالطبع على قلبه، فالواجب الحذر من ذلك والمحافظة على الجمعة مع المسلمين، في حق كل مقيم في البلد، وقد قال الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [3].
¥