160. قوله (الجمعة حق واجب): صلاة الجمعة فرض عين على كل من لم يستثن مما ذكر في هذا الحديث, ومجموع من استثني ممن لا تجب عليه ستة.
161. قوله (مملوك): لأنه مشغول بحقوق سيده, ولا شك أن انشغاله بالجمعة يفوِّت على سيده بعض حوائجه, فالمملوك مستثنى بهذا, وداود الظاهري يقول بوجوب صلاة الجمعة على المملوك لأنه داخل في عموم قوله (فاسعوا) , لكن ولو دخل في هذا العموم يكون الحديث مخصصاً للآية, وهذا من حيث اللزوم, لكن لو حضرها المملوك بعد أن أذن له سيده فلا شك أنها تجزئه.
162. الذي يعتد بقول داود لا يحكي الإجماع, لكن الذي لا يعتد بقول داود يقول: المملوك مجمع عليه لأنه لم يخالف فيه إلا داود, والنووي في شرح مسلم يقول: ولا يعتد بقول داود لأنه لا يرى القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد. لكن إذا كانت المسألة عمدتها القياس لا يعتد بقوله, وإذا كان عمدتها نصوص فإنه يعتد بقوله لأنه إمام من أئمة المسلمين من أهل النظر.
163. قوله (وامرأة): المرأة مجمع على عدم وجوب الجمعة عليها, والشافعي يقول يستحب للعجوز حضور الجمعة بإذن الزوج, ونُقِل عنه القول بالوجوب, لكن أصحابه لا يعرفون إلا القول بالاستحباب, ومسألة الجمعة وحضور النساء للخطبة وإفادتهن أمر مطلوب لكن ليس بواجب, على أن لا يرتكبن محظوراً أثناء خروجهن, وإذا كان هذا بالنسبة للجمعة فأمر العيد آكد, فقد جاء في حديث أم عطية (أمرنا أن نخرج العواتق والحيض وذوات الخدور إلى صلاة العيد يشهدن الخير ودعوة المسلمين) , فهذا أمر, حتى قال بعضهم بوجوب خروج المرأة إلى صلاة العيد, لكن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
164. قوله (وصبي): الصبي الصغير الذي لم يكلف متفق على أنه لا جمعة عليه, لكن يؤمر بحضورها ويؤمر بالصلاة وبالصيام إذا أطاقه تمريناً له على الطاعة, ولذا جاء في الحديث الصحيح (مروا أولادكم بالصلاة لسبع) ليُمرَّن, وأما من حيث الوجوب وكونه يأثم إذا لم يحضر فلا.
165. قوله (ومريض): المريض لا يجب عليه حضور الجمعة إذا كان يتضرر وتلحقه مشقة شديدة أو يتأخر برؤه أو يزيد مرضه, ولا ينبغي التساهل بالشعائر, وقد قال الله جل وعلا (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) , ولا شك أن من تعظيم شعائر الله التحامل على النفس والحضور مع شيء من المشقة التي لا يتأذى بها الإنسان.
166. قوله (وأخرجه الحاكم من رواية طارق عن أبي موسى): بهذا بانت لنا الواسطة, وأن طارقاً رواه عن صحابي, فإن قلنا إن طارقاً صحابي فلا إشكال ولو لم نعرف الواسطة, وإن قلنا إنه تابعي وعرفنا الواسطة ارتفع الإشكال, على أن كبار التابعين مراسيلهم تختلف عن مراسيل غيرهم, فهي أولى بالقبول من غيرها من المراسيل من أوساط التابعين فضلاً عن صغارهم, والشافعي رحمه الله يحتج بمراسيل كبار التابعين, ولكن بشروط اشترطها.
167. حديث ابن عمر (ليس على مسافر جمعة): هذا الحديث صحيح بشواهده, رواه الطبراني في الأوسط, وقال الحافظ (بإسناد ضعيف) لأن في إسناده عبد الله بن نافع وهو ضعيف, لكن له شواهد يصل بها إلى درجة القبول, فيضاف المسافر إلى الأربعة الذين ذكروا في حديث طارق بن شهاب.
168. النبي عليه الصلاة والسلام في جميع أسفاره لم يثبت أنه صلى الجمعة فيها, ويوم عرفة هو يوم جمعة بالنسبة له عليه الصلاة والسلام وما صلى فيه جمعة, بل صلى الظهر والعصر بنمرة جمع تقديم.
169. يجتمع من النصوص المرأة والمملوك والصبي والمريض والمسافر, وأضاف أهل العلم صنفاً سادساً وهم أهل البادية, ولذا يشترط كثير من أهل العلم لوجوب الجمعة أن يكونوا مستوطنين, أي أهل استيطان واستقرار في مكان تمر عليهم فيه الفصول الأربعة, وليسوا من الرحَّل.
170. حديث عبد الله ابن مسعود (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا): يعني الجميع يستقبل الخطيب بوجهه سواء كان في وسط الصفوف أو في أطرافها.
171. قال الحافظ (رواه الترمذي بإسناد ضعيف): بل هو ضعيف جداً, لأن فيه محمد بن الفضل بن عطية, شديد الضعف, بل كذَّبه بعضهم. وقوله (وله شاهد من حديث البراء عند ابن خزيمة): هو أيضاً عند البيهقي, فهو بشاهده إذا قيل إنه ضعيف فلا بأس, وإن كان الأصل أنه ضعيف جداً لا يعتبر به ولا يعول عليه, لكن حديث البراء صححه ابن خزيمة وأخرجه البيهقي.
¥