تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

التدمرية: فيها تقعيد للردود وبيان لمسألة الشرع والقدر ومسائل الصِّفات وتأصيل القواعد التي بها يُردُّ على المخالفين، ونقل شُبه أولئك من أصولها ومن جذورها. فإذا أردت أن تفهم المطوَّلات فلا يمكن ذلك مطلقاً إلا بفهم المختصرات، يمكن أن تفهم بعض كلامه لكن يُشْكِلُ البعض الآخر حتى تكثر المُشكِلات والعِلْمُ إنَّما ينبني على تصوُّرٍ سليم من أول لحظة، واحرص كما أوصى بذلك عدد من المشايخ أن لا تدخل ذهنك إلا الصورة الصحيحة للمسائل، سواءٌ كان في العقيدة أو في الفقه، لا تدخل في ذهنك صورة مُشوَّهة، لا تدخل في ذهنك صورة غير واضحة للمسألة فإذا أدخلت صورة فهمتها من بعض الأوجه ولم تفهمها من بعض فربَّما أتت الحاجة إليها فلم تستفد منها وربَّما أتت الحاجة إليها فقررتها على غير طريقة شيخ الإسلام فيما ذكر. إذاً فلابد أن تتصور المسائل تصوراً أول ما ترد عليك وتحرص على أن لا تدخلها ذهنك إلا بوضوح. بعد ذلك تنتقل منها إلى غيرها أما إذا جمعت شتاتاً من المعلومات وشتاتاً من المقروءات دون تأصيل لهذه المسائل فإنك تلتبس عليك هذه المسائل ويحصل كما نرى ونسمع، يحصل التباس.

فبعضهم يجعل مسألة من مذهب السلف الصالح وليس في مذهبه. نعم هو قرأها لكن ما قرأها بتأصيل. يذكر مسألة أن شيخ الإسلام يرى فيها كذا ولكنه يفهمها على غير وجهها يأخذها من المستطردات ولا يأخذها من التأصيلات, يأخذها من الكلام المحتمل دون الكلام الواضح.

كلامه في الاعتقاد: شيخ الإسلام ابن تيميَّة تارة يكون محتملاً لا تأخذ منه تقرير المسألة كما يكون في الاستطرادات الكثيرة وتارة يكون واضحاً جلياً وهذا الواضح والمحتمل إنما تفهمه إذا كنت قد أحكمت المختصرات التي ذكرتُ لك وهي الواسطية والحموية والتدمرية يتضح لك مراداته بكلامه بعد فهم مصطلحات العلوم ولغة أهل العلم كما ذكرتُه لك سالفاً هذا بالنسبة للاعتقاد، وثَمَّ قسمٌ آخر في الفقه الوسائل الفقهية: فكلام شيخ الإسلام في الفقهيات ليس سهلاً وتقريره في مسائل الفروع ليس سهلاً؛ وذلك لأنه جمع في ذهنه أقوال أهل العلم المختلفة، جمع في ذهنه أقوال السلف وأقوال الأئمة المتبوعين -رحم الله الجميع- وجمع في ذهنه الأدلة لهؤلاء وهؤلاء ولهذا نقول: تمَّيز كلام شيخ الإسلام في الفقهيات بالذات بتطويل المسائل، وبكثرة الاستدلال عليها وبتنظيرها فقهياً، وبكثرة التعليل بالقواعد الفقهية وبذكر الجَمْع والفَرْق وهو فنٌّ من فنون القواعد الفقهية وبالتعليل بمقاصد الشريعة وبالرجوع إلى الأصول من جهة المقاصد التي كانت في زمن النبي ? ومقصد الشارع من الأحكام كما هو قاعدته في المعاملات ونظريته في البيع إلى آخر ذلك، كذلك يكثر من الترجيح فيما يذكر وهو في كل ذلك متبع لمذهب الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- فإن شيخ الإسلام في أصوله وتصوره وتصويره للمسائل حنبلي المذهب رحمه الله.

فتفَهُّم كلامه يعد فهم كلام أهل المذهب، ولهذا إذا أردت أن تتصور مسألة فقهية تحدث عنها شيخ الإسلام في العبادات أو في المعاملات أو في الأمور الاجتماعية أو في الحدود والجنايات أو في السياسة الشرعية ... إلخ فاقرأ قبل ذلك كلام الحنابلة في مختصراتهم أو اقرأ كلام أبي محمد الموفَّق -رحمه الله- في المغني فإنك ترى في كلامه ما يؤصل لك المسألة ويصورها لك ثم بعد ذلك إذا قرأت كلام شيخ الإسلام يكون التصور قد سبق كلامه لأنه هو يَعْرِضُ للخلاف مباشرة ويَعْرِضُ للأقوال مباشرة ويذكر الأدلة وهذه لابد من مقدمة لها والمقدمة أن ترى كتب الحنابلة من جهة التصوير ومن جهة التقعيد والأقوال المختلفة والردود عليها من كتبهم. بعد ذلك ترى كلام شيخ الإسلام لهذا () أنه يذكر الأقوال عن الإمام أحمد وهذا مستفاد من كتب الحنابلة.

هذه كلمات مختصرة في مزايا أو مميزات كلام شيخ الإسلام ورعايتها ينبني عليها – إن شاء الله – الفهم الصائب لكلام شيخ الإسلام والوقت قصير والموضوع يحتاج إلى جلسات طويلة لكن أسأل الله جل وعلا أن ينفع بهذا القليل وأن يبارك لي ولكم في العلم والعمل وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير