تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإذا أشكل شيءٌ من ذلك من كلام شيخ الإسلام وأشكل بعض ما تميَّز به كلامه – مما ذكرتُ – في مسألة أو في اصطلاح أو في استعمال أو في استدلال أو في مذهب نقضه أو في مذهب أيده وأشكل ذلك فإذا عرفت أن تعلم طريقَهُ ومذهبه فترجع إلى كلام ابن القيِّم -رحمه الله- لأنَّ ابن القيِّم في كتبه يفصِّل كلام شيخ الإسلام ويُبيِّن ما فيه ويكثر الاستدلال له ويُوضِحُهُ إيضاحاً مفصَّلاً ومن الكلمات المأثورة عن الشيخ عبد الرزَّاق عفيفي -رحمه الله رحمة واسعة- أنه كان يقول: "شيخ الإسلام ابن تيمَّية يأتي إلى جدار الباطل فَيَلْقِمُهُ حتى يتهدَّم، وأمَّا ابن القيِّم فيأخذ هذا الجدار حجراً حجراً فيكسره إلى أشلاء". وهذا واضح فإن شيخ الإسلام يردُّ بالأصول ويردُّ بالفروع وبالتنظير مرَّة واحدة حتى ترى وصف مَنْ وصفه بأنه كالموج المتلاطم، أمَّا ابن القيِّم فهو مركَّز يأتي الوجه كذا، الوجه الأول، الوجه الثاني، الوجه الثالث فيأخذ كل مسألة على حدة ويورد الكلام عليها مفصَّلة واضحة. أمَّا شيخ الإسلام فهو يموج ولهذا يقع الالتباس في فهم كلام شيخ الإسلام أكثر مما يقع الالتباس في فهم كلام ابن القيِّم -رحمه الله تعالى-، ولكلٍ درجات.

س- كيف تستفيد أو كيف تقرأ كتب شيخ الإسلام في العقيدة؟

جـ- شيخ الإسلام -رحمه الله- كما ذكرتُ لكم جعل كلامه في الاعتقاد متنوِّعاً فمنها كتب مختصرة وهي أيضاً على درجات في الاختصار، ومنها كتب مطوَّلة، ومنها فتاوى مختصرة، ومنها فتاوى مطوَّلة فطريق فهم كلامه أن تضبط المختصرات فمن المختصرات الواسطية والحموية والتدمرية وهذه الثلاث ... هذه المؤلفات الثلاثة مهمة في فهم كلام شيخ الإسلام وفهم مذهبه وطريقته وتقريره للمسائل فلابد لطالب العلم حتى يفهم كلام شيخ الإسلام في المطوَّلات وفي الفتاوى وفي الأجوبة المطوَّلة أن يستوعب هذه الثلاث استيعاباً تاماً، ولهذا كان أهل العلم يُقرِؤون الطلاب .. يقرِؤونهم هذه الثلاث المختصرات قبل أن يُقرأ عليهم في المطوَّلات؛ لأنَّ هذه المختصرات فيها تأصيل العلم العقدي الذي نَصَره شيخ الإسلام -رحمه الله-، فيها تأصيل أقواله التي نَصَر فيها تأصيل أقواله التي نَصَر فيها مذهب السلف الصالح وعقيدة السلف الصالح ومنهج السلف الصالح -رحمهم الله تعالى- فلابد من استيعاب الواسطية وفهمها لفظةً لفظةً، لابد من استيعاب الحموية، لابد من استيعاب التدمرية، فإذا استوعبت هذه على قدر ما آتاك الله -جلَّ وعلا- من الفهم ويسَّره لك فإنك إذا قرأت بعد ذلك المطوَّلات كردِّه على الرازي أو دَرْء التعارض أو الأجوبة المطوَّلة في الفتاوى كشرح حديث النزول وغير ذلك، فإنك تفهم الكلام لأنه مبنيٌّ على تأصيل ثابت، أما أن تقرأ المطوَّل من كلامه المختصر هذا يحدث في النفس التباساً؛ لأنه لا يمكن أن تقيم أعلى البناء إلا بإقامة أسفله فإذا أقمت الأعلى دون الأسفل كان إما على وشك تهدم أو لم يكن بناءً ().

لهذا شيخ الإسلام رتَّب لك فأعطاك الواسطية، ولمَّا سُئل عن الاعتقاد في الصِّفات كتب الحموية أطول منها وكتب التدمرية. وهي مراحل الواسطية هي الأولى، الحموية التدمرية فإذا ضبطت الواسطية: وهي تشمل معتقد السلف الصالح عامة لكن ليس فيها ردودٌ وليس فيها أقوالٌ للمخالفين وإنَّما فيها الآيات والأحاديث في مسائل الصِّفات وكذلك في مسائل الإيمان، في مسائل القدر ثم الكلام على منهج أهل السنة والجماعة في إنكار المنكر وفي مسائل الإمامة والصحابة وزوجات النبي ?، والكلام على بقية مسائل الاعتقاد العامة.

الحموية: فيها تفصيل أكثر فذكر فيها نقولاً كثيرة عن أهل العلم من السلف في تأييد طريقة السلف، وما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيميِّة. كذلك فيها تأصيل لمذاهب المخالفين كتأصيل لمذهب الفلاسفة من قولهم بالتجهيل وأهل الوهم والتخييل .. إلخ مما فيه تأصيل لكلامه في مصنفات أُخر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير