85. حديث أنس (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما, فقال: قد أبدلكم الله بهما خيراً منهما, يوم الأضحى ويوم الفطر): سألهم (ما هذان اليومان) فذكروا أنهم كانوا في الجاهلية يتخذون هذين اليومين أيام سعة وفرح.
86. أيام العيد أيام فرح وسرور, وقد نظر النبي عليه الصلاة والسلام إلى من يلهو في هذا اليوم ويلعب وقال (لتعلم يهود أن في ديننا فسحة) , فهما يوما فرح وسرور, لكن هما أيضاً يوما شكر لأنهما وقعا بعد عبادتين وركنين من أركان الإسلام, فالشكر لا بد منه, فليس معنى كونهما يوماف فرح وسرور أن الإنسان يتحرر من القيود الشرعية والتكاليف ويتنصل عنها بترك الواجبات ويتجاوز بفعل المحرمات.
87. الحديث فيه دليل على أن إظهار السرور والفرح بالعيد وإدخال السرور على الآخرين أمر مطلوب, وبمفهومه يدل على أنه لا يجوز بحال الفرح بأعياد الكفار, ولا المشاركة في فرحهم, فهذا أمر خطير جداً. أبو حفص البُسْتي - من شيوخ الحنفية - قال: من أهدى في أعياد المشركين بيضة إلى مشرك تعظيماً ليوم عيده كفر. لكن هذه الكلمة شديدة, ويبقى أن المسألة خطر.
88. حديث علي (من السنة أن يخرج إلى العيد ماشياً): هذا له حكم الرفع.
89. قوله (رواه الترمذي وحسنه): لكنه من رواية الحارث الأعور عن علي, وهو ضعيف جداً, فالخبر ضعيف. والترمذي حسنه في جامعه, لما يشهد له أخبار أخرى مرسلة عن الزهري وغيره, وأيضاً جاء النص الصحيح بالنسبة لصلاة الجمعة (يخرج إليها ماشياً ويرجع منها ماشياً) , والعيد في حكم الجمعة إذا أمكن ذلك وتيسر, لكن إذا كان المصلى بعيداً ويشق عليه المشي فلا شك أن الركوب لا بأس به.
90. الإمام البخاري رحمه الله تعالى بوب في الصحيح فقال (باب المشي والركوب إلى العيد) فسوى بينهما وأن كلاً منهما جائز, لكن مسألة كون المشي أفضل لا شك أن العيد كالجمعة, والجمعة فيها نص صحيح صريح في أن المشي إليها أفضل وأن كل خطوة يرفع بها درجة ويحطب عنه بها سيئة ويكتب له بها حسنة, والعيد في حكمها, وكذلك المشي إلى الصلوات, فالعيد من باب أولى, لكن هذا الحديث لا يثبت.
91. حديث أبي هريرة (أنهم أصابهم مطر في يوم عيد فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العيد في المسجد): قال الحافظ (رواه أبو داود بإسناد لين) ولا يكفي أن يقال فيه لين بل هو ضعيف, لأن في إسناده عيسى بن عبد الأعلى وهو مجهول, وشيخه أبو يحيى كذلك مجهول.
92. في غير وقت الحاجة لا شك أن الخروج إلى المصلى أفضل, وهو ديدنه عليه الصلاة والسلام, لكن إذا دعت الحاجة من مطر أو برد شديد فلا شك أن مثل هذا مبرر لأن تقام صلاة العيد في المسجد.
93. صلاة العيد في المصلى خارج البلد أفضل إلا في المسجد الحرام.
تم الشروع في تقييد فوائد هذا الشرح المبارك عشية يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من جمادى الآخرة عام ثمانيةٍ وعشرين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية المباركة, وتم الفراغ من تقييد فوائده قبيل مغرب يوم الجمعة السادس من رجب من العام نفسه, وكان ذلك قرب برلين في مدينة من مدن الكفار الحقيرة يقال لها (درسدن).