وروى أبو هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الفطرة خمس.
أو خمس من الفطرة الختان والاستحداد ونتف الإبط وقص الشارب وتقليم الأظافر).
(متفق عليه - شرح السنة للبغوى ج - 12 ص 109 باب الختان) وقد تحدث الإمام النووى الشافعى فى المجموع (ج - 1 ص 284 فى تفسير الفطرة بأن أصلها الخلقة.
قال الله تعالى {فطرة الله التى فطر الناس عليها} الروم 30، واختلف فى تفسيرها فى الحديث قال الشيرازى والماوردى وغيرهما هى الدين، وقال الإمام أبو سليمان الخطابى.
فسرها أكثر العلماء فى الحديث بالسنة، ثم عقب النووى بعد سرد هذه الأقوال وغيرها بقوله قلت تفسير الفطرة هنا بالنسبة هو الصواب.
ففى صحيح البخارى عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (من السنة قص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظافر).
وأصح ما فسر به غريب الحديث.
تفسيره بما جاء فى رواية أخرى، لا سيما فى صحيح البخارى.
وقد اختلف أئمة المذاهب وفقهاؤها فى حكم الختان قال ابن القيم (هامش شرح السنة للبغوى ج - 2 ص 110 فى باب الختان) فى كتابه (تحفة المودود) اختلف الفقهاء فى ذلك.
فقال الشعبى وربيعة والأوزاعى ويحيى بن سعيد الأنصارى ومالك والشافعى وأحمد هو واجب وشدد فيه مالك حتى قال من لم يختتن لم تجز إمامته ولم تقبل شهادته، ونقل كثير من الفقهاء عن مالك، أنه سنة، حتى قال القاضى عياض الاختتان عند مالك وعامة العلماء سنة، ولكن السنة عندهم يأثم تاركها، فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض والندب، وقال الحسن البصرى وأبو حنيفة لا يجب بل هو سنة.
وفى فقه الإمام أبى حنيفة (الاختيار شرح المختار للموصلى ج - 2 ص 121 فى كتاب الكراهية) إن الختان للرجال سنة، وهو من الفطرة، وللنساء مكرمة، فلو اجتمع أهل مصر (بلد) على ترك الختان قاتلهم الإمام، لأنه من شعائر الإسلام وخصائصه.
والمشهور فى فقه الإمام مالك فى حكم الختان للرجال والنساء.
كحكمه فى فقه الإمام أبى حنيفة .. وفقه الإمام الشافعى (ج - 1 ص 297 من المهذب للشيرازى وشرحه المجموع للنووى) إن الختان واجب على الرجال والنساء.
وفقه الإمام أحمد بن حنبل (المغنى لابن قدامة ج - 1 ص 70 مع الشرح الكبيرة) إن الختان واحب على الرجال ومكرمة فى حق النساء وليس بواجب عليهن، وفى رواية أخرى عنه أنه واجب على الرجال والنساء.
كمذهب الإمام الشافعى. وخلاصة هذه (الافصاح عن معانى الصحاح ليحيى بن هبيرة الحنبلى ج - 1 ص 206) الأقوال إن الفقهاء اتفقوا على أن الختان فى حق الرجال والخفاض فى حق الإناث مشروع.
ثم اختلفوا فى وجوبه، فقال الإمامان أبو حنيفة ومالك هو مسنون فى حقهما وليس بواجب وجوب فرض ولكن يأثم بتركه تاركه، وقال الإمام الشافعى هو فرض على الذكور والإناث، وقال الإمام أحمد هو واجب فى حق الرجال.
وفى النساء عنه روايتان أظهرهما الوجوب.
والختان فى شأن الرجال قطع الجلدة التى تغطى الحشفة، بحيث تنكشف الحشفة كلها.
وفى شأن النساء قطع الجلدة التى فوق مخرج البول دون مبالغة فى قطعها ودون استئصالها، وسمى بالنسبة لهن (خفاضا) .. وقد استدل الفقهاء على خفاض النساء بحديث أم عطية رضى الله عنها قالت إن امرأة كانت تختن بالمدينة، فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم (لا تنهكى، فإن ذلك أحظى للزوج، وأسرى للوجه).
وجاء ذلك مفصلا فى رواية أخرى تقول (إنه عندما هاجر النساء كان فيهن أم حبيبة، وقد عرفت بختان الجوارى، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها يا أم حبيبة هل الذى كان فى يدل، هو فى يدك اليوم.
فقالت نعم يا رسول الله، إلا أن يكون حراما فتنهانى عنه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هو حلال.
فادن منى حتى أعلمت. فدنت منه.
فقال يا أم حبيبة، إذا أنت فعلت فلا تنهكى، فإنه أشرق للوجه وأحظى للزوج) ومعنى (لا تنهكى) لا تبالغى فى القطع والخفض، ويؤكد هذا الحديث الذى رواه أبو هريرة رضى الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (يا نساء الأنصار اختفضن (أى اختتن) ولا تنهكن (ألا تبالغن فى الخفاض) وهذا الحديث جاء مرفوعا (نيل الأوطار للشوكانى ج - 1 ص 113) برواية أخرى عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما.
¥