ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[27 - 07 - 07, 04:29 ص]ـ
القاعدة الثانية: الأخذ برأي جمهور أهل العلم، والفتاوى الجماعية.
كآراء المجامع الفقهية، وهيئةِ كبارِ العُلماء، واللجنة الدائمةِ ونحو ذلك؛ ففتوى جماعةٍ من أهل العلم أقوى من فتوى واحدٍ منهم، وذلك لِمَا يكون في مثل هذه الفتاوى من تداول الأقوال والأدلة في المسألة، فتخرجُ الفتوى بعد تمحيصٍ وتدقيق يجعل الإنسان يطمئن إلى كلامهم.
الدليل على ذلك: ما جاء عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أنه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: " لن تجتمع أمتي على الضلالة أبدا؛ فعليكم بالجماعة، فإن يد الله على الجماعة " ().
وكان عمر – رضي الله عنه – يجمع أهل بدر ليستشيرهم في بعض النوازل والمسائل.
مثال ذلك:
1 – ما يفتي به بعض المفتين من جواز تمثيل الصحابة – رضوان الله عليهم –، وهذا مخالف لما نص عليه مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة، والمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي، وهيئة كبار العلماء بالسعودية، والمجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة على المنع من ذلك وتحريمه والتشديد فيه. وانظر هذه الفتاوى والبيانات في (فقه النوازل) للجيزاني (4/ 312 وما بعدها).
2 – حَلُّ السِّحرِ عن المسحور بسحرٍ مثله كما تبنى ذلك بعض المنتسبين للعلم في هذا العصر، وقد صدرت فتاوى متعددة في المنع من ذلك، ومن آخرها ما صدر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
كيف يطلع العامي على هذه الفتاوى؟
بالرجوع إلى فتاوى اللجنة الدائمة، وقرارت هيئة كبار العلماء، وقرارت مجمع الفقه الإسلامي ... وكلها مطبوعة، وقد اعتنى الدكتور محمد بن حسين الجيزاني – وفقه الله – بجمع كثير من هذه الفتاوى الجماعية في النوازل المعاصرة في كتابه القيم (فقه النوازل).
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[27 - 07 - 07, 04:31 ص]ـ
القاعدة الثالثة: الأخذ بما يوافق النصوص المحكمة.
والمقصودُ بالنصوصِ المُحْكَمَةِ: هي النصوص التي دلالتها قطعية في المسألة.
والدليل على ذلك: قوله تعالى: " فإن تنازعتم في شيءٍ فردوه إلى الله والرسول " [النساء: 59] والرد إلى الله والرسول بالرجوع إلى الكتاب والسنة.
وقوله تعالى: " فأما الذين في قلوبهم زيغٌ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله " [آل عمران: 7].
قال الشاطبي (5/ 81): وأيضا: فإن في مسائل الخلاف ضابطاً قرآنياً ينفي اتباع الهوى جملة وهو قوله تعالى: " فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول " وهذا المقلد قد تنازع في مسألته مجتهدان، فوجب ردها إلى الله والرسول، وهو الرجوع إلى الأدلة الشرعية، وهو أبعد من متابعة الهوى والشهوة، فاختياره أحد المذهبين بالهوى والشهوة مضاد للرجوع إلى الله والرسول ... اهـ
مثال ذلك:
1 – إذا أفتى عالمٌ من العلماء بحكمٍ يُخالفُ أحدَ النصوصِ المحكمة، كجواز سفر المرأة دون محرمٍ، واستدلوا على ذلك ببعض الأدلة المتشابهة، والتي لم يُقْصَد بها الكلام عن سفر المرأة بدون محرم. فيرجعُ العاميُّ إلى المحكم من الأدلة الشرعية، وهو قوله – عليه الصلاة والسلام –: " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ".
2 – ما يفتي به بعض المنتسبين للعلم من جواز حلق اللحية أو إبقاء أدنى شعر (خليجية)؛ وهذا مخالف للنصوص المعلومة عند العامة فضلاً عن الخاصة من الأمر بتوفير اللحى وإرخائها.
كيف يعرف العامي أنَّ هذا النص محكم؟
يعرف العامي هذا بكون النص صريحاً في المسألة التي يدور حولها النقاش ووقع فيها الخلاف؛ وتطبيقاً على مثالنا الأول: ما يستدل به القائلون بجواز سفر المرأة بدون محرم إذا كانت مع رفقة مأمونة بقوله – صلى الله عليه وسلم – لعدي بن حاتم – رضي الله عنه – في حديثٍ طويل، وفيه: " فإن طالت بك الحياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله " الحديث؛ فاستدل من يرى جواز سفر المرأة بدون محرم مع الرفقة المأمونة بهذا الحديث المحتمل، والذي لم يقصد به بيان حكم سفر المرأة بدون محرم؛ فيرجع العامي إلى النص المحكم في قوله – عليه الصلاة والسلام –: " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ".
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[27 - 07 - 07, 04:32 ص]ـ
القاعدة الرابعة: الأخذ بما يوافق قواعد الشرع المتقررة.
فالقواعد الشرعية هي من المحكمات التي ينبغي ردُّ المتشابهات إليها، وكلُّ ما لم يأتِ دليلٌ عليه فينبغي أنْ يرُدَّهُ العامي إلى محكمات الشريعة من القواعد والأدلة.
والدليل على ذلك: جميع الأدلة المذكورة في الفقرة السابقة، وقواعد الشرع لن تخرج عن الأدلة الشرعية المحكمة، وإنما أفردته لأن بعض الناس قد تكون هذه القاعدة متقررةً في ذهنه ولا يعرف أدلتها، أو يرجع لها في المسائل التي لا نص فيها.
مثاله:
فتوى بعض المنتسبين إلى العلم بإباحة الدخان؛ بل بعضهم يشير إلى مشروعيته في بعض الأحيان! مع أنه ثبت طبياً الأضرار الكبيرة الناتجة بسبب استخدامه، فإذا بحث العامي عن نصٍّ صريح في تحريمه لم يجد، لكنه يعلم علم اليقين أن الشريعة أباحت الطيبات وحرمت الخبائث، وهذا من الخبائث؛ كما أنه يعرف أنَّ الشريعة جاءت بحفظ الضروريات، ومنها: النفس والمال، والدخان متلف لهما؛ فيعلم العامي – حينئذٍ – أن فتوى هذا المفتي مجانبة للصواب.
¥