ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[27 - 07 - 07, 04:34 ص]ـ
القاعدة الخامسة: الأخذ بقول من يذكر في فتواه دليلاً.
فالأصل أنَّ المسلم مُتَعَبَّدٌ بما جاء في النصوص الشرعية، قال تعالى: " وما خلقتُ الجِنَّ والإنس إلا ليعبدون "، وقوله: " ماذا أجبتم المرسلين "؛ أما ماعدا ذلك من كلام أهل العلم – وإن كان مَحَلَّ تقدير – فليس حُجَّةً بذاته ما لم يعتمد على دليلٍ من الأدلة الشرعية المعتبرة؛ وبناءً على هذا فالعالم الذي يَسْتَدِلُّ لقوله كلامُهُ مُقَدَّمٌ على غيره من أهلِ العلمِ، لأن المتبع لكلامه اعتمد على ما كُلِّفَ بِهِ العبد المسلم.
فائدة: قال السمعاني: لا يُمْنَعُ – أي: المستفتي – من طلب الدليل، وأنه يلزم المفتي أن يذكر له الدليل إن كان مقطوعاً به، ولا يلزمه إن لم يكن مقطوعاً به لافتقاره إلى اجتهاد يقصر فهم العامي عنه ...
مثال ذلك:
عالمٌ أفتى بجواز تولية المرأة للولايات العامة، ولم يذكر دليلاً إلا كقوله: الواقع أثبت أنَّ المرأة تستطيع أنْ تتولى الولايات العامة، ومساواة المرأة بالرجل ونحو ذلك.
وعالمٌ آخر أفتى بتحريم ذلك، واستدل بحديث أبي بكرةَ – رضي الله عنه –، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: " لن يفلح قومٌ ولوا أمرهم امرأة " أخرجه البخاري (4425). فقولُ هذا العالم مقدم على قول المفتي الأول، لأنه استند إلى دليلٍ شرعي.
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[27 - 07 - 07, 04:36 ص]ـ
القاعدة السادسة: سؤال كل عالمٍ عن الفن الذي تخصَّصَ فيه.
فالتخصص في العلوم سُنَّةٌ ماضية – وإن كانت قليلة عند السلف – وهي مِنْ معالم هذا العصر الذي ظهرتْ فيه بوضوح، والتخصص وإن كان له سلبيات فله محاسن، فالمتخصص في فنٍّ: يتقنه، ويحقق مسائله أكثرَ من غيره؛ فمثلاً: ظهر المتخصصون في المعاملات المصرفية المعاصرة، والمتخصصون في بعض أبواب ومسائل الفقه ببحثها في رسائل جامعية متخصصة، والمتخصصون في الحديث ... وهكذا.
ويمكن أن يستدل عليه بما روي أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة: أبو عبيدة بن الجراح " (1).
فإذا وردت على الإنسان مسألة مالية مصرفية معاصرة، فأقرب مَنْ يستطيع أنْ يُجِيْبَ عليها، ويوافق قولُهُ الحقَّ هو من تخصص في هذا المجال.
وكذلك؛ إذا وردت على الإنسان مسألة فقهيةٌ تُبْنَى الفتوى فيها على صحةِ حديثٍ أو ضعفه، فأقرب من يكون قولُهُ فيها صواباً هم أهلُ الحديث.
وقد يقول قائل: في المسائل المصرفيةِ – مثلاً – نسمعُ اختلافاً في الفتوى بين المتخصصين؛ فبقول مَنْ نأخذ؟
يقال: على العامي إذا أراد أن يَعْرِفَ الصواب أنْ يَعْمَلَ بالقواعد المذكورة في هذا المقال، فإذا اختلفوا نقول: انظر إلى النصوص والقواعد الشرعية المحكمة، وانظر هل في هذه المسألة فتوى جماعية من لجان علمية متخصصة ... إلخ، وكلما نظرَ العامي في أكثر من قاعدةٍ لاحَ لهُ وَجْهُ الصوابِ – بإذنِ الله –.
[1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=640047#_ftnref1) أخرجه الترمذي برقم (3790) وغيره عن أنس بن مالك – رضي الله عنه –، وجاء عن غيره من الصحابة؛ وفيه ضعف.
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[27 - 07 - 07, 04:38 ص]ـ
القاعدة السابعة: الأخذ بالأحوط إن لم يكن ثَمَّ مشقة.
الأصل في المسائل الشرعية أنَّ الحلال بيِّنٌ، والحرام بين، ويوجد بينهما مشتبهاتٌ أخبرنا النبي – صلى الله عليه وسلم – كيف نتعاملُ معها فقال – كما في حديثِ النعمان بن بشير –: " الحلال بَيِّنٌ،و الحرامُ بَيِّنٌ، وبينهما مشتبهات لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينِهِ وعرضِهِ، ومن وقعَ في الشبهاتِ وقعَ في الحرام ... " أخرجه البخاري (52) ومسلم (1599) واللفظ له، وفي لفظ للبخاري (2051): " فمن تركَ ما شُبِّهَ عليهِ منَ الإثمِ كانَ لِمَا استبانَ أترك، ومن اجترأ على ما يَشُكُّ فيه مِنَ الإثمِ أوشكَ أنْ يواقعَ ما استبانَ ".
مثال ذلك:
¥