تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وخلاصة القول أن المبيحين للتصوير بالكاميرا أو التصوير الضوئي أصناف:

1 - علماء مجتهدون في معرفة الحق بريئون من الهوى، فهم في التصوير متأولون، وهذا الصنف قليل.

2 - علماء مجتهدون متأثرون في اجتهادهم بضغط الواقع وشيء من الهوى.

3 - مقلدون بحسن نية.

4 - مقلدون مع شهوة وهوى، وهؤلاء يكثرون في المنتسبين إلى العلم والدين.

5 - متبعون لأهوائهم لا يعنيهم أن يكون التصوير حراماً أو حلالا، لكنهم يدفعون بالشبهات وبالخلاف من أنكر عليهم، والله يعلم ما يسرون وما يعلنون، فالناس في هذا المقام كما قال الله تعالى: "هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللهِ وَالله ُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُون".

وأما المسألة الثالثة، وهي حكم النظر إلى الصحف والمجلات والتلفاز فقد فصّل فيه الشيخ من جهة نوع المصوَّر ومن جهة أثر النظر:

فعنده أن الصورة إذا كانت لحيوانات، أي لغير آدمي جاز النظر إليها، لكن لا يجوز اقتناء الصحف من أجلها وإن كانت لآدمي ففيه تفصيل، وهذا نص كلامه:

"وإن كانت صور آدمي، فإن كان يشاهدها تلذذاً أو استمتاعاً بالنظر فهو حرام، وإن كان غير تلذذ ولا استمتاع، ولا يتحرك قلبه ولا شهوته بذلك، فإن كان ممن يحل النظر، كنظر الرجل إلى الرجل، ونظر المرأة إلى المرأة أو إلى الرجل أيضا، ً على القول الراجح فلا بأس به، لكن لا يقتنيه من أجل هذه الصور"

وهذا تفصيل حسن لا إشكال فيه، ولكنه رحمه الله قال بعد ذلك: ((وإن كان ممن لا يحل له النظر إليه، كنظر الرجل إلى المرأة الأجنبية فهذا موضوع شك وتردد)). (ج 12/ 326)

وقد ذكر بعد ذلك منشأ هذا الشك والتردد عنده وهو أمران:

الأول: تردده في دلالة حديث "لا تباشر المرأةُ المرأةَ فتنعتها لزوجها حتى كأنه ينظر إليها" هل النهي عن نعت صورتها الظاهرة كمحاسن وجهها، أو النهي عن نعت ما تحت الثياب من العورة؟

والشيخ يميل إلى الاحتمال الثاني، من أجل لفظ المباشرة ومن أجل زيادة النسائي في الحديث ولفظه: "لا تباشر المرأةُ المرأةَ في الثوب الواحد".

فيقال: هب أن المراد من الحديث المعنى الثاني، فتحريم النظر إلى المرأة الأجنبية لا يتوقف على دلالة هذا الحديث، فقد جاء في الكتاب والسنة ما يدل على تحريم النظر إلى المرأة الأجنبية، قال تعالى: ((قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم)) وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة" رواه الإمام أحمد وغيره عن علي رضي الله عنه، وهو صحيح بمجموع طرقه. وفي صحيح مسلم عن جرير بن عبدالله رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري.

الأمر الثاني -مما أوجب التردد في تحريم النظر إلى صورة المرأة الأجنبية بغير شهوة-: ما ذكره من الفرق العظيم في التأثير بين الحقيقة والصورة.

فيقال: أولاً: هذا لا يُسلم على الإطلاق، فقد تكون الصورة أعظم تأثيراً لما يجري فيها من التحسين والتلوين، والعناية في تحديد مواضع الفتنة.

وثانياً: دعوى الفرق في التأثير بين الحقيقة والصورة -وإن سُلِّم في الجملة- فإنه يرد على ما قرره رحمه الله في الاحتجاج لجواز التصوير بالكاميرا، حيث ذكر أن التصوير بالكاميرا نقلٌ للصورة التي خلقها الله، وهذا يقتضي أن تكون الصورة كالحقيقة في التأثير.

نعم؛ إذا كانت المرأة الأجنبية حاضرة يُطمع في الوصول إليها، فهي من هذه الجهة أعظم تأثيراً على الناظر من الصورة.

وبهذا يتبين أن النظر إلى صورة المرأة الأجنبية كالنظر إلى المرأة الأجنبية في التأثير والتحريم، وإن وُجد تفاوت بينها، فما كان أعظم تأثيراً كان النظر إليه أشد تحريما.

هذا كله في النظر إلى المرأة الأجنبية أو صورتها بغير شهوة، أما إذا كان بشهوة فقد تقدم نص الشيخ على التحريم مطلقاً.

وذكر رحمه الله في هذا المقام شيئاً من الفرق في النظر إلى صورة المرأة الأجنبية بين المعينة وغير المعينة فإن كان النظر بشهوة وتلذذ فهو حرام، وإن كان بغير شهوة؛ فإن كانت الصورة لامرأة معينة، فالقول بتحريم النظر حينئذ قال فيه الشيخ: ((فيه نظر)) جزء 12 ص 327 وإن كانت الصورة لغير معينة وبغير شهوة، ولا يخشى أن تجر إلى محظور شرعي، فالنظر في هذه الحال جائز. وهذا التفصيل من الشيخ رحمه الله لم يذكر عليه دليلا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير