تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ خِفَّةَ أَمْرِ الْقَضَاءِ، وَاللَّفْظُ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.

قَالَ شَيْخُنَا: وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا الْقَوْلُ أَقْوَى أَثَرًا وَنَظَرًا، وَأَشْبَهَ بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْقِيَاسِ.

قُلْتُ لَهُ: فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ يَحْتَجِمُ فَقَالَ: {أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ} وَلَمْ يَكُونَا عَالِمَيْنِ بِأَنَّ الْحِجَامَةَ تُفْطِرُ، وَلَمْ يَبْلُغْهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: {أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ} وَلَعَلَّ الْحُكْمَ إنَّمَا شَرَعَ ذَلِكَ الْيَوْمَ.

فَأَجَابَنِي بِمَا مَضْمُونُهُ أَنَّ الْحَدِيثَ اقْتَضَى أَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ مُفْطِرٌ، وَهَذَا كَمَا لَوْ رَأَى إنْسَانًا يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ فَقَالَ: أَفْطَرَ الْآكِلُ وَالشَّارِبُ؛ فَهَذَا فِيهِ بَيَانُ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِلْفِطْرِ، وَلَا تَعَرَّضَ فِيهِ لِلْمَانِعِ.

وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ النِّسْيَانَ مَانِعٌ مِنْ الْفِطْرِ بِدَلِيلٍ خَارِجٍ، فَكَذَلِكَ الْخَطَأُ وَالْجَهْلُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " (ج2 ص92 - 94)

5 - لِمَاذَا وَجَبَ عَلَى الْحَائِضِ قَضَاءُ الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ] وَأَمَّا إيجَابُ الصَّوْمِ عَلَى الْحَائِضِ دُونَ الصَّلَاةِ فَمِنْ تَمَامِ مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ وَحِكْمَتِهَا وَرِعَايَتِهَا لِمَصَالِحِ الْمُكَلَّفِينَ؛ فَإِنَّ الْحَيْضَ لَمَّا كَانَ مُنَافِيًا لِلْعِبَادَةِ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ فِعْلُهَا، وَكَانَ فِي صَلَاتِهَا أَيَّامَ الطُّهْرِ مَا يُغْنِيهَا عَنْ صَلَاةِ أَيَّامِ الْحَيْضِ، فَيَحْصُلُ لَهَا مَصْلَحَةُ الصَّلَاةِ فِي زَمَنِ الطُّهْرِ؛ لِتَكَرُّرِهَا كُلَّ يَوْمٍ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ، وَهُوَ شَهْرٌ وَاحِدٌ فِي الْعَامِ، فَلَوْ سَقَطَ عَنْهَا فِعْلَهُ بِالْحَيْضِ لَمْ يَكُنْ لَهَا سَبِيلٌ إلَى تَدَارُكِ نَظِيرِهِ، وَفَاتَتْ عَلَيْهَا مَصْلَحَتُهُ، فَوَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تَصُومَ شَهْرًا فِي طُهْرِهَا؛ لِتَحْصُلَ مَصْلَحَةُ الصَّوْمِ الَّتِي هِيَ مِنْ تَمَامِ رَحْمَةِ اللَّهِ بِعَبْدِهِ وَإِحْسَانِهِ إلَيْهِ بِشَرْعِهِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ (ج2 ص125)

- وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: قُلْت لِأَحْمَدَ: وَنَحْنُ نَحْتَاجُ فِي رَمَضَانَ أَنْ نُبَيِّتَ الصَّوْمَ مِنْ اللَّيْلِ؟ فَقَالَ: إي وَاَللَّهِ (ج3 ص5)

6 - فَصْلٌ: [الْحِكْمَةُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ بَعْضِ الْأَيَّامِ وَبَعْضِهَا الْآخَرِ] وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَحَرَّمَ صَوْمَ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَوَّالٍ، وَفَرَضَ صَوْمَ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ مَعَ تَسَاوِيهِمَا " فَالْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى صَحِيحَةٌ، وَالثَّانِيَةُ كَاذِبَةٌ؛ فَلَيْسَ الْيَوْمَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا؛ فَهَذَا يَوْمٌ مِنْ شَهْرِ الصِّيَامِ الَّذِي فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَهَذَا يَوْمُ عِيدِهِمْ وَسُرُورِهِمْ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى شُكْرَانَ صَوْمِهِمْ وَإِتْمَامِهِ، فَهُمْ فِيهِ أَضْيَافُهُ سُبْحَانَهُ، وَالْجَوَادُ الْكَرِيمُ يُحِبُّ مِنْ ضَيْفِهِ أَنْ يَقْبَلَ قِرَاهُ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ قَبُولِ ضِيَافَتِهِ بِصَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَيُكْرَهُ لِلضَّيْفِ أَنْ يَصُومَ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ؛ فَمِنْ أَعْظَمِ مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ فَرْضُ صَوْمِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ إتْمَامٌ لِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَخَاتِمَةُ الْعَمَلِ، وَتَحْرِيمُ صَوْمِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَوَّالٍ فَإِنَّهُ يَوْمٌ يَكُونُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ أَضْيَافُ رَبِّهِمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَهُمْ فِي شُكْرَانِ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِمْ، فَأَيُّ شَيْءٍ أَبْلَغُ وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا الْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ؟ (ج2 ص234)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير