وصرح جماعة منهم بأنه إذا أخفى ما معه فلا حرج حينئذ. قال ابن قدامة رحمه الله: " إذا أراد دخول الخلاء ومعه شيء فيه ذكر الله تعالى استحب وضعه ... فإن احتفظ بما معه مما فيه ذكر الله تعالى، واحترز عليه من السقوط، أو أدار فص الخاتم إلى باطن كفه فلا بأس. قال أحمد: الخاتم إذا كان فيه اسم الله يجعله في باطن كفه، ويدخل الخلاء. وقال عكرمة: اقلبه هكذا في باطن كفك فاقبض عليه، وبه قال إسحاق، ورخص فيه ابن المسيب والحسن وابن سيرين، وقال أحمد في الرجل يدخل الخلاء ومعه الدراهم: أرجو أن لا يكون به بأس " اهـ من المغني (1/ 109).
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما حكم الدخول إلى الحمام بأوراق فيها اسم الله؟
فأجاب: " يجوز دخول الحمام بأوراق فيها اسم الله ما دامت في الجيب ليست ظاهرة، بل هي مخفية ومستورة ".اهـ من "فتاوى الطهارة" ص (109)،و ((100) فائدة من العلامة الشيخ ابن عثيمين) للشيخ: (محمد المنجد)).
وعلى هذا؛ فلا حرج من دخول الخلاء بالهاتف المحمول وعلى شاشته عبارة "الله أكبر" على أن يضعه في جيبه , بحيث لا يكون ظاهراً.
س: ما حكم استخدام الجوال من أجل إخبار الناس عبر رسالة جماعية بالجنائز التي سيصلى عليها في المدينة؟
إعلان الموت بالرسائل الهاتفية أو البريد الإلكتروني جرى عمل كثير من الناس في هذه الأيام عليه، والذي يظهر أن مثل هذا إن كان لأجل الصلاة على الميت أو الدعاء له أو تعزية المصاب به ونحو ذلك فهو مستحب؛ لأن ذلك وسيلة لتلك الصالحات، والوسائل لها حكم الغايات، وما لا يتم الصالح إلا به فهو صالح. وكذلك الحكم إن كان ذلك لمصلحة. ويمكن أن يقال: إن إعلان الموت بالرسائل الهاتفية أو البريد الإلكتروني لا يخرج عن حكم النعي المستحب.
وقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية - (ج 112 / ص 1و 2):" النعي المستحب أو المندوب إليه على حسب تعبير بعض الفقهاء- هو على ما صرح الحنفية به وبعض الشافعية وهو المتجه عند الحنابلة وهو قول النخعي وابن سيرين - ما كان فيه إعلام الجيران والأصدقاء. قال في الفتاوى الهندية: يستحب أن يعلم جيرانه وأصدقاؤه حتى يؤدوا حقه بالصلاة عليه والدعاء له. (ج 4 / ص 400)
روى سعيد بن منصور عن النخعي لا بأس إذا مات الرجل أن يؤذن صديقه وأصحابه، إنما يكره أن يطاف في المجلس فيقال أنعي فلانا لأن ذلك من فعل أهل الجاهلية، وروي نحوه باختصار عن ابن سيرين.
قال النووي، في شرح حديث (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشي في اليوم الذي مات فيه فخرج بهم إلى المصلى، وكبر أربع تكبيرات): فيه استحباب الإعلام بالميت، لا على صورة نعي الجاهلية، بل مجرد إعلام الصلاة عليه وتشييعه وقضاء حقه في ذلك، والذي جاء من النهي عن النعي ليس المراد به هذا وإنما المراد نعي الجاهلية المشتمل على ذكر المفاخر وغيرها. شرح مسلم (ج 7 / ص 21)
وقال ابن مفلح: ويتوجه استحبابه، لإعلامه صلى الله عليه وسلم أصحابه بالنجاشي، وقوله عن الذي يقم المسجد، أي يكنسه (أفلا كنتم آذنتموني به، دلوني على قبره) أي أعلمتوني، قال ابن سيرين لا أعلم بأسا أن يؤذن الرجل بالموت صديقه وحميمه. الفروع (ج 3 / ص 203)
وحديث الذي يقم المسجد الذي أشار إليه ابن مفلح وغيره في إيذان أصحاب المنعي وأقاربه هو ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه (أن أسود (رجلا أو امرأة) كان يقم المسجد فمات ولم يعلم النبي صلى الله عليه وسلم بموته، فذكره ذات يوم فقال ما فعل ذلك الإنسان؟ قالوا مات يا رسول الله، قال أفلا آذنتموني؟ فقالوا إنه كان كذا وكذا قصته (قال الراوي فحقروا شأنه) قال فدلوني على قبره فأتى قبره فصلى عليه)، ونقل النووي عن الحاوي للماوردي أن بعض الشافعية استحب النعي للغريب الذي إذا لم يؤذن به لا يعلمه الناس.
¥