387. مثل هذه الرؤيا ورؤيا الأذان إنما اكتسبت الشرعية من إقرار النبي عليه الصلاة والسلام.
388. حديث معاوية (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر: ليلة سبع وعشرين): ليلة سبع وعشرين ليلة راجحة عند كثير من أهل العلم وجمع من الصحابة, وفيها مثل هذا الخبر, لكن المرجح وقفه على معاوية رضي الله عنه.
389. اختلف في تعيينها على ستة وأربعين قولاً, ذكرها الحافظ في فتح الباري, والمسألة تحتمل أكثر, لكن هناك أقوال يمكن إدخالها مع غيرها, وهناك أمور ليست بأقوال كالقول بأنها رؤيا, وقد عده الحافظ من الأقوال.
390. حديث عائشة (يا رسول الله: إن رأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر, ما أقول فيها؟ قال: قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني): قولها (إن علمت أي ليلة ليلة القدر) يدل على أن ليلة القدر تُعلَم, وأن لها علامات, منها أنها ليلة طلْقة بلْجة فيها سكون وفيها ارتياح وفيها نور, وذكروا أن الكلاب لا تنبح تلك الليلة, وذكروا أموراً غير ذلك, لكن من أصحها كون الشمس تطلع صبيحتها بدون شعاع, لكن لا يستدل عليها بطلوع الشمس الاستدلال الذي يحث على العمل فيها, لأنها تكون حينئذ قد انتهت.
391. إن لم يعتكف المسلم فليتقلل من مخالطة الناس بقدر الإمكان, لأن مخالطة الناس تؤثر على القلب, وجل المخالطة الآن ضررها أكثر من نفعها, اللهم إلا إذا كانت مع من أمر الله بصبر النفس معه, فهذا هو الذي يعين على ما ينفع.
392. قولها (إن علمت أي ليلة ليلة القدر): أي بالعلامات, أو قيل لها إن هذه الليلة ليلة القدر.
393. بعضهم يرى أنه يلزم العلم بليلة القدر لحصول الثواب المرتب على قيامها إيماناً واحتساباً, وأن الذي لا يحس بها لا يدركها, وقد وقع في حديث عند مسلم عن أبي هريرة (من يقم ليلة القدر فيوافقها) أي فيصيبها, لكن ليس من لازم موافقتها أن يكون على علم بها.
394. حديث أبي سعيد الخدري (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام, ومسجدي هذا, والمسجد الأقصى): من لازم السفر شد الرحل, فإذا اقتضى هذا السفر شد الرحل مُنِع السفر من أجل التعبد لله جل وعلا في بقعة معينة سوى ما استثني في الحديث, فليس لك أن تقول (أنا أذهب إلى البقعة الفلانية لأتعبد فيها لأنها أفضل) سوى المساجد الثلاثة.
395. إذا كان هذا في المساجد فمن باب أولى أن يُمنَع شد الرحال إلى القبور وغيرها من البقاع, وهذه مسألة كبرى, أنكرها شيخ الإسلام على بعض علماء عصره, ورُدَّ عليه وامتُحِن بسببها.
396. الذي يفضِّل البقاع هو الذي خلقها, قال الله جل وعلا (يخلق ما يشاء ويختار).
397. حكم من سافر إلى بلد من البلدان لأن فيه إماماً قراءته مؤثرة, أو لأن فيه قوماً صالحين يعينونه على الخير, أو ليشهد جنازة عالم من العلماء أو قريب أو صديق, ولم يسافر قاصداً التعبد في تلك البقعة: هو كمن شد الرحل لصلة الرحم أو لزيارة قريب.
398. أدخل الحافظ هذا الحديث في هذا الباب لأنه قد ورد ما يدل على أن الاعتكاف لا يصح إلا في هذه المساجد الثلاثة, جاء هذا عن حذيفة, لكن ابن مسعود رد عليه, وقد قال الله تعالى (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) , وقوله (المساجد) يشمل مساجد الأرض كلها مما تُقَام فيه الجماعة, ولذا المرجح أن الاعتكاف في أي مسجد تُقَام فيه الجماعة صحيح.
399. جاء أن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة, وأن الصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة, وجاء في المسجد الأقصى ما يدل على أن الصلاة فيه بخمسمائة صلاة, فهذه المساجد لا شك أن لها مزية.
400. التفضيل والتضعيف بالنسبة للمسجد الحرام شامل للحرم كله, ولا يختص بالمسجد, وهو قول الجمهور, والأدلة على هذا كثيرة, ومنها قوله جل وعلا (وإخراج أهله منه أكبر عند الله) وهم أُخرِجوا من مكة.
401. قوله عليه الصلاة والسلام (ومسجدي هذا) يدل على أن التضعيف خاص بالمسجد, والمسجد الأقصى مثله.
402. على قول الجمهور بأن المضاعفة في الحرم كله فإنها تشمل صلوات النساء في بيوتهن, وتشمل كذلك نوافل الرجال في بيوتهم لأن النوافل في البيوت أفضل.
403. قال عليه الصلاة والسلام (أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة): على هذا صلاة المرء النافلة في بيته أفضل من صلاته في المسجد النبوي, والمضاعفة خاصة بالمسجد, وهذا جعل بعض أهل العلم يقول إن المضاعفة في الفرائض دون النوافل, ومثل هذا بالنسبة للمرأة التي جاء أن بيتها خير لها.
404. إذا كان الدم المستخرج للتحليل أثناء الصيام شيئاً يسيراً فلا أثر له على الصيام.
405. الحديث (من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي) ليس معناه أن من صلى الفجر في جماعة لا يموت, قال الله تعالى (إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون).
406. المال الخبيث يُتَخَلَّص منه, وجاء في الحديث (كسب الحجام خبيث) وفيه (أطعمه ناضحك) , فيُصرَف في المصارف التي لا يُتَقَرب فيها إلى الله جل وعلا, لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً, فيُصرَف في دورات المياه وفي الطرق وفي شيء لا تكون القربة فيه ظاهرة.
تم الشروع في تقييد فوائد هذا الشرح المبارك عشية يوم الخميس السادس والعشرين من رجب عام ثمانيةٍ وعشرين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية المباركة, وتم الفراغ من تقييد فوائده ليلة الثلاثاء الثاني والعشرين من شعبان من العام نفسه, وكان ذلك قرب برلين في مدينة من مدن الكفار الحقيرة يقال لها (دريسدن).
¥