ما ذكره فضيلة الشيخ أحمد شاكر وما جاء في قرار مؤتمر الكويت عام 1409 هـ يتضح منه أن القول باعتبار الحساب الفلكي لا سيما فيما يتعلق برد شهادة رؤية الهلال قبل ولادته قول مجموعة من علماء المسلمين قديما وحديثا، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم والقرافي وابن رشد والسبكي والمراغي وأحمد شاكر والشيخ مصطفى الزرقاء رحمهم الله.
الوقفة السادسة:
هذه الوقفة مختصة بحوار قصير مع الجهة المختصة بإثبات الأهلة في بلادنا فهذه الجهة جهة علمية مشهود لرئيسها وأعضائها بالنصح الخالص للبلاد وأهلها خاصة وللمسلمين عامة وهم أهل لذلك من حيث التقوى والصلاح وبذل الجهد في استبراء الذمة مع ما يتمتعون به من كفاءة علمية تؤهلهم لممارسة اختصاصهم، وهم يدركون ما قاله مجموعة من فقهاء المسلمين ومحققيهم قديما وحديثا من أن الفتوى تتغير بتغير الأحوال والأزمان والأمكنة والظروف بشرط أن لا يكون هذا التغير مصادما لنص شرعي أو أصل من أصول الدين. فعلوم التقنية بمختلف أجناسها وأنواعها قد تطورت تطوراً خدم البشرية خدمة أثرت على أنماط حياتها، ونقلتها من عالم محدود الإدراك والتفكير والتحرك إلى عالم يسابق زمنه في الإبداع والعطاء والقدرة على الانتفاع بعوامل الانفتاح الفكري والنظري والتطبيقي. أفلا يجد إخواننا أن واجب عملهم واختصاصهم بإثبات الرؤية يقتضي الأخذ بكل جديد يساعدهم على الدقة في تحقيق ما اختصوا به؟
ومن ذلك إعادتهم النظر في آرائهم السلبية نحو النتائج الفلكية لا سيما وهم في علوم الفلك في صفٍ لا يؤهلهم لهذا الموقف السلبي نحو النتائج الفلكية، فلو عملوا على عقد مؤتمر دولي يُدعى إليه علماء فلكيون من أجناس فلكية مختلفة ويحضر معهم علماء شرعيون من بلدان إسلامية مختلفة يُبحث في هذا المؤتمر موضوع الاقتران والولادة وإمكان الرؤية وهل النتائج الفلكية في علم هذه المسائل قطعية أو ظنية؟ وهل في ذلك خلاف بين علماء الفلك؟ حتى لا يكون منّا رد لقضايا قطعية نقول عنها على سبيل التشكيك والارتياب: هل لدى أحد أثارة من علم بها ممن لا يرد قوله!!.
فإنكارنا النتائج العلمية القطعية مما هو محل إجماع علماء الاختصاص يرجع علينا بالنقص والزراية وضيق الأفق والنظر وسوء السمعة، وقد سمعنا الكثير من ذلك وتألمنا مما سمعنا. والله حسبنا ونعم الحسيب.
الوقفة السابعة:
مع قول بعضهم إن علماء الفلك مختلفون فيما بينهم في إمكان الرؤية وفي تحديد أول الشهر وآخره وهذا يعني أن النتائج الفلكية ظنية وما دامت ظنية والرؤية ظنية وقد اعتبر الشارع الرؤية وأمرنا باعتمادها فلا حاجة لنا بالفلك وعلومه.
والإجابة على هذا الإيراد تقتضي التمهيد لها بتعريف الاقتران والولادة وإمكان الرؤية وهذا تعريفها:
الاقتران: هو اجتماع الشمس والقمر في خط طولي واحد بحيث لا ينعكس ضوء الشمس على القمر ولا على جزء منه.
الولادة: هي انفصال القمر عن الشمس بحيث تكون الشمس أمامه من جهة الغرب، والقمر خلفها من جهة الشرق، فيظهر بالولادة نور الشمس على جزء من القمر.
إمكان الرؤية: هو حصولها بالقدرة البصرية على رؤية الهلال بعد ولادته.
وقد أجمع علماء الفلك على أن ولادة الهلال تتم في وقت محدد بالدقيقة إن لم يكن بالثانية وأن علماء الفلك قاطبة لا يختلفون في ذلك التحديد إلا إذا اختلف علماء الرياضيات في نتيجة جمع عشرين مع خمسة عشر أو نحو ذلك من النتائج القطعية.
وإنما الاختلاف بين الفلكيين في مسألة إمكان رؤية الهلال بعد اتفاقهم على وقت ولادته. فبعضهم يقول بولادته قبل غروب الشمس. ولكن لا يمكن رؤيته إلا إذا كان على زاوية أفقية محددة بدرجة معينة وعلى ارتفاع درجات محددة أيضا بعدد كخمس درجات أو ست أو أقل من ذلك أو أكثر فهذه المسألة محل اختلاف بينهم مع اتفاقهم جميعا على تحديد وقت الولادة. وهذا الاختلاف هو الذي أوجد خلطا بين علماء الشريعة وفقهائها قديما وحديثا فلم يفرقوا بين الولادة وبين إمكان الرؤية من عدمه؛ فظنوا أن الاختلاف في إمكان الرؤية هو اختلاف في تحديد الولادة والذي ندين الله به جمعا بين النصوص الشرعية والنتائج القطعية للفلك أن الرؤية تثبت بالشهادة عليها وأن دخول الشهر أو خروجه يجب أن ينحصر إثباته فيها ولو قال الفلكيون بولادة الهلال قبل غروب الشمس ولم يُرَ
¥