تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(ماذَا بعْدَ رمَضَان؟) "وسَائِلُ مُقْتَرَحةٌ للثَّباتِ على الطَاعَات"

ـ[مهنَّد المعتبي]ــــــــ[13 - 10 - 07, 12:33 ص]ـ

الحمدُ للهِ وحدَه، والصلاةُ والسلامُ على من لا نبيَ بعدَه ..

أمَّا بعدُ.

فإنَّ المُسلمَ فضلاً عن طالبِ العلم لتدعوهُ نفسُه في رمضانَ وغيرهِ للتزوُّدِ من الطاعاتِ، والفناءِ في العباداتِ .. رحمةَ اللهِ يرجو، والنجاةَ من أليمِ عقابهِ يطلبُ، ومحبةَ اللهِ ينشُد.

النُّفوسُ في رمضانَ خُولِفت، وفُطِمتْ عن بعضِ عوائِدها المشينةِ ـ والفِطامُ عن المألوفِ عسيرٌ ـ!

في هذه اللحظاتِ التي استقْبلْنَا فيها شهراً جديداً .. وودعْنا شهرَ السَّبْقِ والتنافس، يجدُرُ بنا أن نحافظَ على بعضِ ما استفدنا منه؛ رجاءَ أن نكونَ من العارفين بالله في كلِّ الشهور، وتمسُّكاً بما ترَبَّتْ عليه النفسُ؛ حتى لا نركنَ إلى الدَّعةِ فيتبلَّد الحسُّ ويصعبُ على النفسِ الرجوعُ ..

فالوَحَى الوَحى؛ فالوقوفُ رجوعٌ!

* وهذهِ بعضُ الوسائلِ المعينة للثبات على الطاعات؛ بل وللزيادة، لا تَخضعُ لقانون مفصَّلٍ، ولا لبرمجةٍ مُنظَّمة؛ فالإنسانُ أعرفُ بما يناسبُه، ويتلاءمُ مع إمكاناته وميوله .. (والمُتَنفِّلُ أميرُ نَفْسهِ) ..

أولاً: العباداتُ الرمضانيَّةُ المُقَيَّدة.

وأعني بذلك العباداتُ التي حثَّ عليها الشارعُ بإطلاقٍ، وأوجبها في رمضانَ، أو استحبَّها استحباباً شديداً يحُرمُ المُسلمُ إبان تركها من الخيرِ العظيمِ ..

وأصولُها أربعُ عباداتٍ:

- العبادةُ الأُولى: الصِّيامُ.

وهيَ عَصَبُ الشَّهْرِ، ورُوحه .. الكلامُ عن عبادةِ السِّر ذُو تشعباتٍ مختفلةٌ،

أعظمُ مقاصدِه: تحقيقُ التقوى.

والثباتُ على هذه العبادةِ يكونُ بالآتي:

سهُلَ الصيامُ في آخر الشهرِ؛ لاعتياده .. فيحسنُ بالمُسلمِ المدوامةُ حتى تنقضي الأيامُ فيثقلُ بعد ذلك ..

وللمُسلمِ التَّخيرُ في الطريقةِ المناسبةِ بحيثُ لا يمرُّ عليه شهرٌ إلاّ وله منه نصيبٌ.

والصيامُ في غيرِ شهرِ رمضانَ ذُو فضلٍ عظيمٍ، وأجرٍ جسيمٍ، المحرومُ منهُ محرومٌ؛ إذِ اليوم الواحد يُباعدُ عن النار سبعينَ خريفاً، كما في مسلمٍ عن أبي سعيد 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ـ فكيفَ بكثرةِ الصيام ـ؟!

أما صيامُ ثلاثة أيامٍ، فكصيامِ الدهر ـ كما لا يخفى ـ، وهذا ثابتٌ في الصحيحين عن ابن عمروٍ1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -.

أمّا السابقون السبَّاقون، فلو بدأَ المسلمُ من غدٍ في صيامِ داودَ فلن يشقَ ذلك عليه .. والأولى التدرج، والمُسلمُ أعلمُ بنفسه ..

والبّدءُ بصومِ يومٍ وإفطارِ يومين أدعى للخطوِ الجيَّد للحاقِ بركبِ السابقين بالخيرات.

وبهذه الطريقةِ ـ وإن صعُبَت في البَدء؛ لندرةِ المنافسين ـ إلاَّ أنها ستُحولُ طالبَ العلمِ بعد زمنٍ إلى إلْفِ الصيامِ، ولن يجدَ بُدّاً من مفارقته، فينظِمُّ إلى قافلة العلماءِ (الصُوَّام).

فإنْ كان لا يستطيعُ لغلبةِ الأشغالِ ونحو ذلك .. فلا يُغلب على صومِ القليلِ ولو يوماً واحداً .. فالغلبةُ حِرْمان!

- العبادةُ الثانية: قِيامُ الليلِ.

أجْمِل بشرفِ المؤمنِ، وأحسن بعبادةَ المخلصين ..

ثناءُ الربِّ، وصِدقُ العبدِ، ونضارةُ الوجهِ، وطريقُ الثبات!

كَمْ من طالبِ علمٍ راوحَ بين قديميه كثيراً أثناء التراويح، لسانُ حالهِ وكثرةُ تفكيرهِ: كمْ ركعةٍ بقيتْ وننتهي؟!! ـ مع حرصهِ الشديدِ على هذه العبادة ـ لأنه لم يتعرفْ إلى الله في الرخاءِ بالقيامِ على متنِ الشهور والأيامِ، فجاءتِ الشِّدَّةُ فخُذِلْ .. وقد حفظَ ما حفظَ في فضلِ هذه العبادةِ، لكنَّه أفنى لياليه بالنقاشات والمجادلات، تحت غطاء: (مذاكرةُ ساعةٍ أحبُّ إليَّ من قيامِ ليلة)!

والله المستعان.

أخي الكريمَ: الآن الآن في في يومِ العيد، قُمْ، ولو بمقدار (حلبِ الشاةِ) ..

فرصةٌ للثباتِ ,, فالنُّفُوس متروِّضة،، والهمم متوقدة .. فإذا أقبلتِ النَّفسُ فأحسنْ إليها ..

أما الحافظُ لكتابِ اللهِ؛ فأمرُهُ متيسِّرُ لو أضاعَ لياليه فقد أضاعَ نفسَه ..

أما من يحفظُ مقداراً يسيراً، فقمْ به، ولو أن تتكرره كلَّ ليلةٍ، فسيثبتُ حفظُك، وسيُفتحُ لك في التأمل.

فلو كانَ يحفظُ جزءَ عمَّ فقط، أو سورةَ الكهفِ أو مريم ....

فما المانع من أن يقومَ به كلَّ ليلة؟

والتدرجُ ـ كما أسلفتُ ـ حسنٌ. (والمتنفلُ أميرُ نفسه) ..

أما من لا يصلي حتى الوترَ، فأحسنَ اللهُ عزائَه!

- العبادةُ الثالثةُ: العنايةُ بالقرآنِ؛ حفظاً، وتدبراً، وتلاوةً، ومطالعةٍ للتفاسيرِ ....

فليحافظُ المسلمُ على ما تعوّد، ولو بالقليلِ الدائمِ ..

يقول ابن القيِّمِ ـ رحمهُ اللهُ ـ: (ما أشدها من حسرة، وأعظمها من غبنة، على من أفنى أوقاته في طلب العلم، ثم يخرج من الدنيا وما فهم حقائق القرآن، ولا باشر قلبَه أسرارُه ومعانيه)!

بدائع الفوائد (1/ 201).

- العبادةُ الرابعةُ: الجُوْد!

غفرَ الله لنا تقصيرنا ..

{لن تنالوا البرَّ حتى تنفقوا مما تحبون}!

يُعوّدُ المسلمُ نفسَه على البذل والتضحيةِ والإيثار بعد هذا الشهر الفضيل ..

وانظر موضوعاً لأخي المسيطسر: هنا ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=113460&highlight=%C7%E1%E4%D3%DD%ED)

تلكمْ ـ أحبتي في الله ـ عباداتٌ مطلقةٌ محبَّبةٌ لربِّ العالمين، حَرِصْنَا عليها في شهر رمضانَ، فليكنْ لنا منها في أيامنا أوفرُ الحظِّ والنصيب.

اللهمَّ لا تعذِّبْ قلباً دلَّ عليك ..

واغفر لي عملاً ادعيتُ أني أردتُ به وجهك، فخالطَ قلبي ما علمتَ.

وللحديث تتمةٌ يسيرةٌ أُتبِعها ـ إن شاء اللهُ تعالى ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير