تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(إني أُطعمُ وأُسقى) هل هو حقيقةٌ أو مجاز؟ .. أقوالُ أهلِ العلم

ـ[مهنَّد المعتبي]ــــــــ[22 - 09 - 07, 12:51 م]ـ

الحمد لله، وبعد ..

أنقل لكم أقوال أهل العلم في هذه المسألة، ومن كان أهلاً للترجيح؛ فليدل بدلوه ...

الحديث: عن ابن عمر رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن الوصال. قالوا: إنك تواصل. قال: (إني لست كهيئتكم إني أطعم وأسقى) أخرجه الشيخان.

ولهما: (إني يطعمني ربي ويسقيني).

وللبخاري: (إني أظل أطعم وأسقى).

وله أيضاً: (إني أبيت لي مطعم يطعمني وساق يسقين).


قال الباجي من المنتقى: ([إنِّي أَطْعَمُ وَأُسْقَى]: يُرِيدُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ حَالَهُ مِنْ هَذَا غَيْرُ حَالِهِمْ مِنْ طَرِيقِ قُوَّتِهِ عَلَى الصَّوْمِ بِمَا يُطْعِمُهُ اللَّهُ وَيَسْقِيه وَلَمْ يَقُلْ إِنَّ الزَّمَانَ مُخْتَصٌّ بِصَوْمِهِ دُونَ صَوْمِهِمْ، وَإِنَّمَا عَلَّلَ ذَلِكَ بِقُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يُطْعِمُهُ رَبُّهُ وَيَسْقِيه وَلِذَلِكَ قَالَ حَدِيثُ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: (أَبَيْت يُطْعِمنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ) فَاكْلَفُوا مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَبَيَّنَ أَنَّ الْمَحْظُورَ عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يُطِيقُونَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ يُطْعَمُ وَيُسْقَى الْكِنَايَةَ عَمَّا يَخْلُقُ اللَّهُ لَهُ مِنْ الْقُوَّةِ عَلَى الصِّيَامِ الَّتِي تَقُومُ مَقَامَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَلَا يَتَأَذَّى بِالْوِصَالِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ، وَلَوْ كَانَ طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ الْمُعْتَادَيْنِ لَمَا كَانَ مُوَاصِلًا وَلَكَانَ مُفْطِرًا) ا. هـ.

وفي عون المعبود: [(إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى):
: يَحْتَمِل مَعْنَيَيْنِ: أَحَدهمَا: أَنِّي أُعَانُ عَلَى الصِّيَام وَأَقْوَى عَلَيْهِ فَيَكُون ذَلِكَ لِي بِمَنْزِلَةِ الطَّعَام وَالشَّرَاب لَكُمْ، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون قَدْ يُؤْتَى عَلَى الْحَقِيقَة بِطَعَامٍ وَشَرَاب يَطْعَمهَا فَيَكُون ذَلِكَ تَخْصِيصًا لَهُ وَكَرَامَة لَا يَشْرَكهُ فِيهَا أَحَد مِنْ أَصْحَابه، قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ].

قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: (والأظهر أنَّه أراد بذلك أنَّ الله يُقوِّيه ويُغذيه بما يُورده على قلبه من الفتوح
القدسية، والمنحِ الإلهية، والمعارف الربانية التي تُغنيه عن الطعام والشراب بُرهةً مِنَ
الدَّهر، كما قال القائل:
لها أَحاديثُ مِنْ ذِكراكَ تَشغَلُها

عَنِ الشَّرابِ وتُلهيهَا عَنِ الزَّادِ

لها بِوجْهِكَ نُورٌ تَستَضِيءُ به

وقْتَ المَسيرِ وفي أَعقابها حَادي

إذا اشتَكَتْ من كلالِ السَّيرِ أوْعَدها

رَوْحُ القدوم فتحيى عندَ مِيعادِ

فلا تجوع ولا تظمأ وما ضعفت
ولا تظل إذا كانت لها هادِ) ا. هـ

وقال في اللطائف: (و اختلف في معنى إطعامه فقيل: إنه كان يؤتى بطعام من الجنة يأكله و في هذا نظر فإنه لو كان كذلك لم يكن مواصلا و قد أقرهم على قولهم له إنك تواصل لكن روى عبد الرزاق في كتابه [عن ابن جريج أخبرني عمرو بن دينار أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن الوصال قالوا: فإنك تواصل؟ قال: و ما يدريكم لعل ربي يطعمني و يسقيني] و هذا مرسل و في رواية لمسلم [من حديث أنس: إني أظل يطعمني ربي و يسقيني] و إنما يقال: ظل يفعل كذا إذا كان نهارا و لو كان أكلا حقيقيا لكان منافيا للصيام و الصحيح: أنه إشارة إلى ما كان الله يفتحه عليه في صيامه و خلوته بربه لمناجاته و ذكره من مواد أنسه و نفحات قدسه فكان يرد بذلك على قلبه من المعارف الإلهية و المنح الربانية ما يغذيه و يغنيه عن الطعام و الشراب كما قيل:
(لها أحاديث من ذكراك تشغلها ... عن الطعام و تلهيها عن الزاد)
(لها بوجهك نور تستضيء به ... وقت المسير في أعقابها حادي)
(إذا شكت من كلال السير أوعدها ... روح القدوم فتحيا عند ميعاد)
الذكر قوت قلوب العارفين يغنيهم عن الطعام و الشراب كما قيل:
(أنت ربي إذا ظمئت إلى الماء ... و قوتي إذا أردت الطعاما)
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير