تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[اجتماع العيد والجمعة]

ـ[د. بسام الغانم]ــــــــ[16 - 10 - 07, 03:52 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

مسألة في اجتماع العيد والجمعة

الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وأصحابه وأتباعه بإحسان.

أما بعد:

فإن القول بسقوط الجمعة عمن صلى العيد إذا وافق العيد يوم جمعة هو قول الحنابلة، وهو من مفردات المذهب كما ذكر المرداوي الحنبلي في كتابه الإنصاف. وأما جمهور العلماء فلايوافقون الحنابلة في ذلك وإنما يرون وجوب الجمعة على أهل البلد وإن صلوا العيد. ذكر النووي في المجموع أن هذا مذهب جمهور العلماء وذكر العمراني في كتابه البيان أنه قول أكثر الفقهاء. وقال ابن قدامة: وقال أكثر الفقهاء: لا تسقط الجمعة؛ لعموم الآية، والأخبار الدالة على وجوبها، ولأنهما صلاتان واجبتان فلم تسقط إحداهما بالأخرى كالظهر مع العيد.

والمتأمل في الأحاديث التي استدل بها الحنابلة على مذهبهم يجد أنها لا تخلو من ضعف في أسانيدها، واختلاف في معانيها، ولا سيما ماروي عن ابن الزبير في ذلك فقد تعددت الآثار الواردة عنه في ذلك وهي مختلفة في دلالاتها. وممن توسع في الكلام على هذه الأحاديث وبيان مافيها من ضعف أو اختلاف عمرو عبدالمنعم سليم في كتابه تحصيل مافات التحديث بماقيل لا يصح فيه حديث وبالغ في كتابه السنن والمبتدعات في العبادات ص 128 فذكر أن ترك صلاة الجمعة عند اجتماعها مع عيد من البدع المشهورة.

وممن توسع في الكلام على طرق تلك الأحاديث مصطفى بن إسماعيل في كتابه تنوير العينين بأحكام الأضاحي والعيدين.

وقد ذكر ابن عبدالبر أنه ليس من هذه الأحاديث حديث إلا وفيه مطعن لأهل العلم بالحديث. وقال ابن حزم: إذا اجتمع عيد في يوم جمعة صلي للعيد، ثم للجمعة ولابد، ولا يصح أثر بخلاف ذلك.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله حين سئل عن سقوط الجمعة عمن صلى العيد في ذلك اليوم: هذه المسألة ليست إجماعية، ولا منصوصة من قبل الشارع نصا صحيحا، بل النصوص الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في سقوط الجمعة ضعيفة، ولذلك كان مذهب كثير من العلماء أن الجمعة لا تسقط عن أهل البلد وتسقط عمن هو خارج البلد، وعللوا ذلك بأهم إن بقوا بعد العيد إلى وقت الجمعة شق عليهم، وإن ذهبوا إلى محلهم شق عليهم الرجوع. ثم قال الشيخ بعد أن أشار إلى بعض الأدلة الواردة في هذه المسألة. فأنت ترى الآن اختلاف الأدلة واختلاف العلماء في هذه المسألة. (مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين 16/ 170)

وإذا نظرنا في الصحيحين وماجاء فيهما في هذه المسألة وجدنا في صحيح مسلم حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية، وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد يقرأ بهما أيضا في الصلاتين. فدلالته واضحة على أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي العيد والجمعة.

وفي صحيح البخاري من حديث أبي عبيد قال: شهدت العيد مع عثمان بن عفان، وكان ذلك يوم الجمعة، فصلى قبل الخطبة، ثم خطب فقال: ياأيها الناس إن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان، فمن أحب أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر، ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له. فهو لم يرخص للجميع وإنما رخص لأهل العوالي البعيدين، ويشق عليهم الانتظار إلى الجمعة، أو الذهاب ثم الرجوع إلى الجمعة فرخص لهم. هذا ماورد في صحيح السنة.

وقد بلغنا أن بعض أئمة الجوامع في عيد سابق وافق يوم جمعة حضر إلى المصلين ولم يقم الجمعة وإنما صلى بهم الظهر، وزعم أن هذه هي السنة. ومنهم من أعلن في خطبة العيد أنه لن يصلي بهم الجمعة، وأنه سيصلي بهم ظهرا. وهذا خطأ؛ فإن الحنابلة أنفسهم الذين رخصوا لمن صلى العيد بعدم شهود الجمعة لم يرخصوا للإمام أن يترك الجمعة، وألزموه بإقامة الجمعة ليتمكن من لم يصل العيد من أداء صلاة الجمعة، وليصلي الجمعة من أحب أن يصليها ممن أدى صلاة العيد. ولهذا قال ابن قدامة الحنبلي: وإن اتفق عيد في يوم جمعة سقط حضور الجمعة عمن صلى العيد إلا الإمام؛ فإنها لا تسقط عنه إلا أن لا يجتمع له من يصلي به الجمعة. إلى أن قال: فأما الإمام فلم تسقط عنه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم وإنا لمجمعون. ولأنه لو تركها لامتنع فعل الجمعة في حق من تجب عليه، ومن يريدها ممن سقطت

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير