تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[اللهث وراء الختمات وأثر (عند كل ختمة دعوة مستجابة)]

ـ[الفاروقي]ــــــــ[07 - 10 - 07, 01:13 م]ـ

اللهث وراء الختمات

وأثر (عند كل ختمة دعوة مستجابة)

عبد المجيد المنصور

يتهافت كثير من الناس في نهايه شهر رمضان على الجوامع للصلاة خلف الأئمة المشهورين بجودة التلاوة؛ لحضور ختمة القرآن، يصحب هذا التهافت اعتقاد سائد موروث من العوام وممن لا علم عنده أنه: (عند كل ختمة دعوة مستجابة)، فتزدحم بعض الجوامع لهذا، وتضيق على مرتاديها، وتغلق الطرقات، فلا يجد القاصد إليها سبيلا، ولا لداخلها طريقاً، ويكون ذلك كله على حساب السكينة والخشوع، والتدبر والخضوع.

يسارع سواد عظيم من الناس لحظور تلك الختمات ليدرك الدعوة المستجابة المزعومة عند الختمة، ولكي يذرف الدموع فيها، ويسكب العبرات، ويخرج الزفرات، بسبب تأثير كلام المخلوق (الإمام الداعي) في الوقت الذي لم يبك من كلام الخالق في آيات الوعد والوعيد التي لو أنزلت على جبل لخشع وتصدع من خشية الله جل وعلا، فآه ثم آه من أناس يبكون من كلام المخلوقين، ولا يبكون من كلام الخالق جل وعلا، ثم آه من أناس يبكون من كلام المخلوقين أكثر من كلام الخالق. هل قل إيمانناً، أو تغيرت موازيننا، أو استحكم علينا شيطاننا، أو علا كلام المخلوق على كلام الخالق!!! أو لأن الدعوة فيها مستجابة، أو لأجل أن يحدِّث عند الآخرين بأنه حضر ختمة فلان، الله أعلم بما تكنه القلوب.

يتهافت كثير من الناس في نهايه شهر رمضان على الجوامع للصلاة خلف الأئمة المشهورين بجودة التلاوة؛ لحضور ختمة القرآن

والله ثم والله مهما بلغت بلاغة دعاء المخلوق، وبديع نظمه، وقوة سجعه، وحسن سبكه، وجميل لحنه، وروعة صوته، وجمال كلامه، لن يكون كبلاغة كلام الخالق الله جل وعلا، وقوة تأثيره، "والله إن لقوله حلاوة، وإن عليه طلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدِقٌ أسفلُه، وإنه ليعلو ولا يُعلى" قاله الوليد بن المغيرة الكافر في القرآن حينما سمعه من النبي صلى اله عليه وسلم، فمال لقلوبنا لا تقولها وتَحسُّ بتلك الحلاوة.

نعم قد يبكي من كلام المخلوق ويتأثر به بغير اختياره وتقصُّد فليس في ذلك ملامة، ولكن النكير: أين هو من كلام الله قبل تلك الختمة؟ لماذا لم يتأثر به كتأثره بدعاء الختمة؟، ولماذا هذا البكاء والعويل والصراخ الطويل في المساجد والجوامع عند الختمات، ويرتج لذلك المسجد بسبب تأثير كلام المخلوق أكثر من تأثير كلام الخالق، أليس القرآن أحق بذلك، ولماذا تُقصد الختمات لأجل البكاء فيها، ولايَقصد كلام الخالق ليبكي بسببه.

إن قلوباً تتأثر بكلام المخلوق دون كلام الخالق فإن في قلوبها ضعفا، ويستحق أصحابها أن يراجعوا أنفسهم.

وليس ما سطرته هي حملة على أولئك الأئمة؛ إذ لا ذنب لهم فهم مبتلون بكثرة المصلين خلفهم، نسأل الله لنا ولهم القبول والتوفيق.

وفي الختام:

أهمس في أذن أخي الذي يركض خلف الختمات؛ لأجل أن فيها دعوات مستجابات، كما يعتقد، أقول فيها على رسلك، فليس يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء، وأما الأثر المشهور على الألسن (عند كل ختمة دعوة مستجابة) فلا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريقين لا سعادة بأحدهما ولا بمجموعهما.

أما الأول:

فقد رواه الخطيب البغدادي في تاريخه (1) عن رقاد بن إبراهيم: حدثنا أبو عصمة: حدثنا يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك مرفوعاً.

وهذا الطريق فيه علتان:

الأولى: في أبي عصمة وهو نوح بن أبي مريم قال يحيى: أبو عصمة ليس بشيء ولا يكتب حديثه، وقال ابن حبان: كان ممن يقلب الأسانيد ويروي عن الثقات ما ليس من حديث الأثبات لا يجوز الاحتجاج به بحال (2)، وقال البخاري في التاريخ الكبير: نوح بن أبي مريم أبو عصمة قاضي مرو ذاهب الحديث جدا (3)، وقال الجوزجاني: سقط حديثه (4)، وقال الدارقطني: ضعيف الحديث متروك (5). وذكره ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكين وقال (قال احمد يروي مناكير ... وقال ابن حماد يروي مناكير وقال ابن حماد ومسلم بن الحجاج والرازي والدراقطني متروك ... وذكر أبو عبد الله الحاكم أن نوحاً وضع حديث فضائل القرآن (6).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير