تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أضواء في الحسبة على الولاة]

ـ[محمد بن شاكر الشريف]ــــــــ[28 - 09 - 07, 12:40 ص]ـ

[أضواء في الحسبة على الولاة]

الإنسان في إطار الشريعة (وفي إطار العقل السليم) ليس معصوما في كل ما يأتي ويذر من أقوال أو أفعال، ووقوع الخطأ منه كثير، لا يخرج عن هذه القاعدة كبير ولا صغير ولا رفيع ولا وضيع ولا حاكم ولا محكوم، ولا ينجو من حكمها أحد خلا الأنبياء والرسل وذلك لحفظ الله تعالى لهم، وقد بين هذه الحقيقة قول المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كل بني آدم خطاء .. الحديث، ومن هنا يتبين أن الحسبة ليست قاصرة على تناول عامة الشعب فقط بينما لا تتناول الولاة، فما الوالي إلا فرد من أفراد الأمة يجري عليه في هذا الباب ما يجري على غيره.

وعليه فكل إنسان محتاج لمن يأمره بالمعروف إذا تركه وخالفه عمدا أو نسيانا، ولمن ينهاه عن المنكر إذا وقع فيه نسيانا أو عمدا، سواء كان كبيرا أو صغيرا أو رفيعا أو وضيعا أو حاكما أو محكوما، لما له في ذلك من الخير في الدين والدنيا والعاجل والآجل

والآمر الناهي يدفعه لذلك أمور ثلاثة

1 - رحمة الآمر الناهي نفسه بقيامه بواجب الأمر والنهي طاعة لأمر الله تعالى ورجاء ثوابه.

2 - رحمة المأمور المنهي بتجنيبه مواضع سخط الله تعالى.

3 - رحمة الأمة بتقليل الخبث فيها، لأنه متى ظهر فيها ترك المعروف أو فعل المنكر من غير تغيير لذلك، أوشك الله تعالى أن يعم الجميع بعقاب منه، حتى مع وجود الصالحين، وليس من دواعي الأمر والنهي عند الآمر الناهي التسلط على العباد أو التشهير بهم وفضحهم، أو إظهار نقصهم وقصورهم أمام الناس.

فعن زينب بنت جحش رضي الله عنها أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل عليها فزعا يقول: لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها، قالت زينب بنت جحش: فقلت: يا رسول الله أنهلِك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث" فإذا كثر الخبث لم يكون في وجود الصالحين نجاة للأمة.

الحسبة على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

ولم تكن الحسبة على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منظمة في هيئة أو مؤسسة يقوم عليها أناس معينون وفق آلية محددة، فقد كان الوضع غير محتاج إليها فكان المسلم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بالتكليف الأصلي لكل مسلم كما قال تعالى: "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر"، وكما قال: "الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر"، وكان المتوجه إليه بذلك يقبل ممن أمره ونهاه من غير مدافعة ولا مشاحة.

وقد أظهر الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفسه الإنكار على بعض ولاته لما ظهر منهم ما استوجب ذلك فعن أبي حميد الساعدي أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استعمل عاملا فجاءه العامل حين فرغ من عمله، فقال: يا رسول الله هذا لكم وهذا أهدي لي، فقال له: أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك فنظرت أيهدى لك أم لا؟ ثم قام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عشية بعد الصلاة فتشهد وأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فما بال العامل نستعمله فيأتينا فيقول: هذا من عملكم وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه وأمه فنظر هل يهدى له أم لا؟ فوالذي نفس محمد بيده لا يَغُل أحدكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه: إن كان بعيرا جاء به له رغاء، وإن كانت بقرة جاء بها لها خوار، وإن كانت شاة جاء بها تَيْعَر فقد بلغت، فقال أبو حميد: ثم رفع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يده حتى إنا لننظر إلى عفرة إبطيه"

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير