ومن ذلك ما جاء في الحديث الذي أورده شيخ الإسلام في الفتاوى (28: 128) " إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأيٍ برأيه ورأيت أمرا لا يدان لك به، فعليك بنفسك، ودع عنك أمر العوام .. الحديث ".
وكذلك الحديث الذي أورد السائل ذكره في الفتاوى (1: 44) وهذا قد يشكل مع إنكارهما على من فسر اليدين بالقدرة؛ لأن ذلك لا أصل له في اللغة العربية.
والجواب: أن لفظ اليد مثناة لها في اللغة العربية استعمالات:
فتارة تستعمل غير مضافة، وتلزم الألف، وهذه هي التي بمعنى القدرة، تقول: لا يدان لي بهذا الأمر، أي لا قدرة لي عليه.
وتارة تستعمل مضافة إلى ضمير من قامت به، أو اسمه الظاهر كقولك: بيديّ، أو بيديه، أو بيدي محمد، ويجري فيها إعراب المثنى. وهي في هذا الاستعمال لا تكون بمعنى القدرة، بل يتعين أن يراد بهما: اليدان اللتان يكون بهما الفعل، والأخذ، ومن شأنهما القبض، والبسط.
وبهذا يظهر ألا تعارض بين أنكارهما على النفاة تأويل اليدين بمعنى القدرة، لأن ذلك لم يرد في اللغة العربية، وبين استعمالهما اليدان بمعنى القدرة.
وهناك استعمالان آخران لليدين في اللغة العربية:
أحدهما: أن يعبر بهما عن الفاعل للفعل، وإن لم يكن باشره بيديه كقولك هذا ما فعلت يداك، ومنه قوله تعالى: {ذلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ} (الحج: 10)
ويأتي لفظ اليدين مجموعا إذا أضيف إلى ضمير الجمع كقوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} (آل عمران: 182)، ومنه قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} (يس: 71)
الثاني: استعماله مضافا إليه بعد (بين)، فيكون بمعنى أمام، كقولك: جلس بين يديه، و مشى بين يديه، ويجري هذا الاستعمال في العاقل، وغير العاقل كقوله تعالى: {لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} (كريم: 62)، وقوله: {وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ} (سبأ: 12)، وقوله: {بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} (الأعراف: 57) ونظائر ذلك كثيرة.
فهذه أربعة وجوه من الاستعمالات:
ثلاثة منها مجاز وهي: الأول، والثالث، والرابع.
والثاني: حقيقة.
ويمتنع المجاز في اليدين إذا أسند الفعل لفاعل، وعدي إلى اليدين بالباء كقولك: عملت بيدي، ومنه قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (سورة ص: 75).
وأما إذا أسند الفعل إلى اليدين كقولك: ھذا ما فعلت يداك، فھو من قبيل المجاز العقلي؛ لأنه عبر باليدين عن الفعل مطلقا، وإن لم يكن فعل بيديه.
وبهذا يظهر الفرق بين قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} (يس: 71)، وقوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (سورة ص: 75)، فلا تدل الآية الأولى على خلق الأنعام باليدين، وتدل الآية الثانية على خلقِ اللهِ آدم بيديه؛ فتثبت له هذه الخصوصية على سائر الناس.
فمن جعل آية "ص" نظيرا لآية "يس"؛ فقد أخطأ فبين الآيتين فروق:
ففي آية "ص" أضاف الله الفعل إلى نفسه، وعداه إلى اليدين بالباء، وذكر اليدين بلفظ التثنية، وأضافهما إلى ضمير المفرد.
وفي آية "يس" أضاف سبحانه الفعل إلى اليدين بلفظ الجمع، وذكر نفسه بلفظ الجمع الدال على التعظيم.
فيجب التفريق بين المختلفات من الألفاظ، والمعاني، والتسوية بين المتماثلات، والله أعلم ".اهـ
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[03 - 11 - 07, 10:07 م]ـ
الأخ الفاضل كاتب الموضوع
نعتذر عن نشر الموضوع بهذه الطريقة، فلا بد من معرفة الشخص الذي يسأل الشيخ ويكون ثقة ويوثق النقل عن الشيخ.
وجزاك الله خيرا.
ـ[ولد محمد]ــــــــ[07 - 11 - 07, 01:44 ص]ـ
اخي ابو داوود الظاهري وصالح العقل
تمت الاجابة على أسئلتكم في الدرس الماضي من شرح تطهير الاعتقاد مغرب السبت فراجع غير مأمور البث الاسلامي
حاولت رفع الجواب هنا ولم استطع
ـ[ولد محمد]ــــــــ[11 - 11 - 07, 12:52 ص]ـ
تم رفع جواب السؤالين
ـ[ابو احمد الحسيني]ــــــــ[11 - 11 - 07, 12:57 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[نايف الحميدي]ــــــــ[12 - 11 - 07, 07:49 ص]ـ
جزاك الله خيراً يا أخي ولد محمد
واصل على هذا العمل الغير مسبوق والفريد من نوعه، في تقريب الفتاوى بين الطلاب والمشايخ.
وبارك الله فيك على النقل الصوتي، وبذلك يزول ان شاء الله ما ذكره اخونا المشرف.
ـ[ابومحمد بكري]ــــــــ[13 - 11 - 07, 06:15 م]ـ
هل مفوضة الاشاعرة يثبتون الصفات السبع فقط ويفوضون الباقى كما يفعل عموم الاشاعرة
فى اثبات الصفات السبع وتأويل الباقى
ام انهم يفوضون كل الصفات بما فيها السبع
(أى هل المفوضة تحديدا وليس عموم الاشاعرة
يفوضون الصفات السبع مثل صفة السمع والبصر والكلام)؟
¥