تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[عبودية العقل]

ـ[أيمن بن خالد]ــــــــ[09 - 02 - 09, 06:13 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد

خطرت لي خاطرة بينما كنت أتأمل حال البشر مع خالقهم، فقد أدركت قصور حالهم وضعفهم. إنّ واقع حالهم قد اختلط بأوهام إما من صنع البشر أنفسهم وإما من تلبيس الشيطان على قلوبهم. ثم خلصت إلى مراتب تحقق عبوديتهم لله كما هو ظاهر في أنفسهم وحالهم، فهؤلاء نوعان:

النوع الأول أناس عرفوا المعنى والغرض من خلقهم، ثم إن هؤلاء إنقسموا فكان منهم من جاهد ليرتقي في مراتب العبودية وأخرين عرفوا المعنى ولكن تغافلوا عنه بسبب شهوة أو زيغ في فلب أو تلبيس من الشيطان فكان قدر وصولهم بقدر يقظتهم.

أما النوع الثاني فهم أناس لم يعرفوا العبودية أو أعطوها حقها وهؤلاء صنفان:

الصنف الأول تغافل عامداً عن المعنى بما يلقيه الشيطان إليه من شبه، فأغرق نفسه في شهواته وغيب عقله لمصلحة هوى قلبه

الصنف الثاني غلّب عقله على قلبه فأنكر الحجج والبراهين محتجاً بعقله

فالصنف الأول مدرك للحقيقة في قرارة نفسه، لكنه يوقظ شهوته وحيولنيته ليحط رحال عقله في سبات طويل، فلا يضطر إلى فهم الحقيقة. وهو وإن كان حاله كما ترى فشهوته وحيوانيته حجة عليه لا له ودليل على على صدق الرسالة وأنه لا معبود ولا إله إلا الله الخالق. فما استعمله من ألات لإخفاء الحقيقة هي حجج في واقعها لإثبات وجود الخالق. وإلا كيف له أن ينكر الخالق وكل ما أداه إليه قلبه من شهوات ولذات لا تعدو أن تكون مخلوقات ذو بداية ونهاية! لذا كان الأحرى به أن يستدل على وجود الخالق بمعرفة المخلوق والضد بالضد يعرف. فقصوره وضعفه عند المرض وعدم القدرة على تحصيل الشهوة عند طلبها وانقضائها ما هو إلا دليل على بداية الحياة وفنائها.

دواء هذا الصنف لا يوصف بل يشار إليه، فهؤلاء مدركون لكنهم مغيبون، فكانت لغة الإشارة والدلالة أنجع في حقهم وأفضل من صريح العبارة ووضوح الحجة.

أما الصنف الثاني فحاله أصعب من سابقة لما فيه من عناد وكبر، فالإنسان ميز عن غيره بالعقل لتكون أداة يستعملها للوصل إلى حقيقة عبوديته ووجود الخالق وكماله. لكن عناده وكبره أدى به إلى إساءة استعمال الألة فأضر نفسه.

لكن حكمة الخالق شاءت أن يقهر العبد المخلوق من البشر بما ظنه أداة انتصاره. فكان عقله دليلاً على قصور حيلته. لذا أخفى الله عن الإنسان حقيقة العقل، فلا يدري المكابر ما هو العقل وما هي حقيقته، بل لا يدري كيف يعمل وكيف يؤدي وظائفه!

ودواء هذا الصنف هو داءه، فيستعمل داءه ليعالج به بتفهيمه أنّ العقل مخلوق لا ينكر وجوده، ومع ذلك فلا يستطيع أحد فهم حقيقته أو معرفة كنهه، فكان القصور في فهم ما يستعمل حجة علة كمال من صنعه.

لذا فالأيات العقلية في الكون ظاهرة للعيان يراها المؤمن والكافر، فأتى القرآن لينبه على الغاية من وجود هذه الأيات ليعلم الناس وجود الخالق وكماله وعظمته وحكمه فيتألف في قلوبهم اسماء الله وصفاته وتوحيده على أكمل وجه من خلال من عظمت قلوبهم من مخلوقات وجدت لهم.

لا أدري إن استطعت أيصال ما وقع في قلبي، لكنه معنى عظيم أثر في

والله أعلم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير