[ما حكم زكاة القات؟]
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[26 - 02 - 09, 11:22 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه اجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إجابة الشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي مراجعة وإجازة الشيخ سعد الحميد
السؤال:
[ما حكم زكاة القات؟]
الجواب:
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فجواب سؤالك من شقَّين:
الأول: يتعلق بحكم زكاة الخضروات وما في حكمها مما لا يكال ولا يُدَّخر، كالكراث، والبصل، والنعناع وغيرها.
فالرَّاجح من أقوال أهل العلم عدم الزكاة في الخضراوات، وإنَّما الزَّكاة في الحبوب والثّمار التِي تُكال؛ لقولِه - صلى الله عليه وسلَّم -: ((ليس فيما دون خَمسة أوسُقٍ صدقة))؛ رواه البُخاري ومسلم عن أبي سعيدٍ الخدري. والخضراوات غير مكيلة ولا موزونة.
وقد وردت أحاديثُ تُفيد المنع من الزَّكاة في الخَضراوات منها ما رواه الدَّارقطني عن عليّ: "ليس في الخضروات صدقة".
وأيضًا لم يثبُتْ عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلَّم - ولا خُلفائِه أنَّهم أخذوا الزَّكاة من الخضراوات، وهو ظاهرٌ في عدم الوجوب فيها.
الشقّ الثاني: بيان حكم القات، وهل فيه زكاة؟
فالقات ورق شجرةٍ ابتُلِيَ بإدمانِها بعضُ النَّاس من البلاد العربية وبلاد القَرْنِ الإفريقي وما جاورها، ويزعُمون أنَّها تَجلب الرَّاحة وطيب النَّفس وتُذْهِب الأحزان وتقوّي الفِكر وتنشط الجوارح، وكلّ هذا الكلام مَحض تخيّل ومن تزيين الشَّيطان والواقع يكذبه، فقد ذكر مَن جرَّبها، وعرَف أمرَها وكُوِيَ بنارِها أنَّها تُسبّب أضرارًا كثيرة.
وقدِ اختلفَ العُلماء في حُكْمِها لاختِلافِهم في إسكارِها وضرَرِها؛ قال ابن حجر الهيتمي: "إنّي وإن لم أجزِمْ بِتحريمه على الإطلاق .. أرى أنَّه لا ينبغي لذي مروءةٍ أو دينٍ أو ورَعٍ أو زُهدٍ أو تطلّعٍ إلى كمالٍ من الكمالات أن يَستعمِله؛ لأنَّه من الشّبهات، لاحتِماله الحلَّ والحرمة على السَّواء، أو مع قرينةٍ أو قرائنَ تدلّ لأحدهِما، وما كان كذلك فهو مشتبِه أيّ اشتباه، فيكون من الشّبهات الَّتي يتأكَّد اجتِنابُها .. وإذا تقرَّرت لك هذه الأحاديث، وعلمت أنَّ غاية أمر هذه الشجرة أنَّها من المشتبهات تعيَّن عليك - إن كنتَ من الثّقات والمتَّقين - أن تَجتنِبها كلَّها، وأن تكفَّ عنه، فإنَّه لا يتعاطى المشتبهات إلا مَن لم يتحقَّق بحقيقة التَّقوى، ولا تَمسَّك من الكمالات بالنَّصيب الأقوى".
وقال في كتابه "تحذير الثقات": "والظَّاهر أنَّ سبب اختلافِهم ما أشرتُ إليه من اختلاف المُخْبرين، وإلا ففي الحقيقة لا خِلافَ بينهم، لأنَّ مَن نظر إلى أنَّه مضرّ بالبدن أو العقل حرَّمه، ومَن نظر إلى أنَّه غير مضرّ لم يُحرّمه، فهم متَّفقون على أنَّه إن تحقَّق فيه ضرر حرم، وإلا لم يحرم، فليسوا مُختلفين في الحكم، بل في سببه، فرجع اختِلافهم إلى الواقع" انتهى.
وقد أخبَرَنا ثقاتُ مَن خالطَ مُتعاطيها لمُدَدٍ طويلة وفي أحوالٍ ومناطقَ كثيرة أنَّها تسبّب لَهم أضرارًا لا يُنكِرها مَن جرَّبها، أو عاش في مُجتمع يتناولُها، ومن هذه الأضرار:
أنَّها تغيّب العقل، حتَّى يتصرَّف صاحبُها تصرّف السكران أو المجنون، لكنَّ هذا التغيّر في العقل لا يَحدث باطّراد، ولا في عموم متناوليها، وإنَّما يحدث نادرًا وأحيانًا.
ومنها ما هو متحقّق في عموم مُتناوليها من أضرار في البدن والمال والوقت والدين.
ومنها أنَّها تقلّل شهوة الطعام، وتضعف القُدرة على النّكاح، وتُديم نزولَ الودْي عقب البول، وتُخفّف رطوبة الجسم، وتسبّب القبض وبخر الفم وفسادَ الأسنان، وتراكم الهموم والغموم وتغير المزاج، وتفقد النوم، وتجلب الكسل، مع إضاعة الوقْت والمال، مع انعدام الفائدة منها بل تَحول دون رعاية الأولاد للانشِغال بِمجالس القات، فضلاً عن منظر مُتعاطيها المُزري الذي يترفَّع عنه صاحبُ المروءة والدّيانة، ومن أعظم مصائبها الصَّدّ عن ذكر الله وعن الصلاة، إلى غير ذلك من الأضرار الجسدية والنفسية والاجتماعية، وقد ألّفت فيها بحوث من المتخصّصين مَن راجَعَها أمكنه الجَزْم بِحرمة تعاطيها حتَّى وإن كان فيها نوعُ نفعٍ فلا يُقابَل
¥