تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

28 ـ ونلاحظ هنا، أنه يستوجب على العلماء، مراعاة للنواحي الأخلاقية والدينية، ضرورة البحث في البدائل الممكنة في هذه المجالات، ومنها: استخدام الخلايا الجذعية البالغة المأخوذة من الدماغ أو غيره، وإعادة برمجة الخلايا البالغة، واستنبات الأوعية الدموية، واستخلاص الخلايا الجذعية البالغة من الأعضاء المهمة، والزراعة الذاتية لعضلات القلب، والاستفادة من الخلايا الجذعية من الحبل السري، وغيرها مما يدخل في إطار التداوي· والتداوي قد أمر الإسلام به، لقوله صلى الله عليه وسلم: · (رواه مسلم) وقوله عليه الصلاة والسلام: (رواه الإمام أحمد) ·

29 ـ فإنه يجب على علماء الطب والبيولوجيا ( Biotechnology)، ضرورة البحث عن مسببات الأمراض التي مازالت خافية، لأن هناك العلاج لكل داء، في إطار كرامة الإنسان واحترام حقوق الجنين البشري، في حياته وجسده وجثته· كما نهيب بضرورة استصدار تشريعات، على المستويين المحلي والدولي، لأن التأكيد على الطابع الأخلاقي وحده لا يكفي، تُحرِّم الاستنساخ الجيني البشري، وتمنع تجارب قتل الأجنة البشرية، التي تجاوزت الحد، والتي يمكن أن تتطور بسرعة وفي صورة يتعذر على الإنسانية إلغاؤها في المستقبل·

30 ـ وقد بحث المجمع الفقهي الإسلامي النواحي الفقهية والأخلاقية، في دورته السادسة المنعقدة بجدة في مارس 1990م، وأصدر قراراته الشهيرة تحت رقم 54، 55، 56، 57، 59، 60، والتي قرر فيها ما يلي:

أ ـ الجنين الآدمي له حرمة، فلا يجوز إجهاضه من أجل استخدام خلاياه واستثمارها تجارياً، كأن تُباع لإجراء التجارب عليها واستخدامها في زرع الأعضاء واستخراج بعض العقاقير منها·

ب ـ لا يجوز استنساخ الأجنة للحصول على الخلايا الجذعية الجينية·

جـ ـ لا يجوز التبرع بالنطف المذكرة أو المؤنثة سواء كانت حيوانات منوية أو بويضات، لإنتاج بويضات مخصبة تتحول بعد ذلك إلى جنين بهدف الحصول على الخلايا الجذعية منه·

د ـ يجوز الارتفاع بالخلايا الجذعية الجنينية المستمدة من الأجنة المجهضة لأسباب علاجية، أو الأجنة الساقطة والتي لم تنفخ فيها الروح بعد، سواء في زراعة الأعضاء أو الأبحاث والتجارب العلمية والمعملية وفقاً للضوابط الشرعية التي تركز أساساً على ضرورة الموازنة الشرعية بين المفاسد والمصالح·

هـ ـ يجوز نقل الخلايا الجذعية الجنينية في حال الجنين الميت، والانتفاع بها لعلاج الأمراض المستعصية في المخ ونخاع العظام وخلايا الكبد وخلايا الكلى والأنسجة الأخرى، وفقاً للضوابط الشرعية المعتبرة في نقل الأعضاء والأنسجة من جثث الموتى·

و ـ ليس هناك ما يمنع شرعاً من الحصول على الخلايا الجذعية من خلال الحبل السري أو المشيمة·

ز ـ يجوز استخدام الخلايا الجذعية الموجودة في الإنسان البالغ، إذا كان أخذها منه لا يشكل ضرراً عليه وأمكن تحويلها إلى خلايا لعلاج شخص مريض، وكان هذا الاستخدام يحقق مصلحة شرعية كزراعة الأعضاء·

31 ـ بهذه القرارات التاريخية الصائبة، يكون المجمع الفقهي الإسلامي قد فتح الباب واسعاً للانتفاع بالخلايا الجذعية الجنينية، سواء في العلاج بالخلايا أو الأنسجة أو زراعة الأعضاء أو الأبحاث والتجارب المعملية، وفقاً للشروط الشرعية التي ذكرها المجمع الفقهي في صلب قراراته المذكورة، بأن يرتكز الانتفاع أساساً على حرمة الجنين الآدمي، والمصلحة الشرعية المؤكدة من العلاج أو البحث العلمي، وضرورة الموازنة الشرعية بين المفاسد والمصالح·

32 ـ إن هذه القرارات الاجتهادية هي أنموذج حي لتطور الفقه الإسلامي دائماً إلى الأمام، وذلك عن طريق الاجتهاد بالرأي عند سكوت النص الشرعي، لاستنباط الأحكام الشرعية من أدلة الشرع ومقاصده وقواعده الكلية، أو عن طريق إلحاق ما لا نص فيه بما فيه نص للاشتراك في علة الحكم· وقد سار مجمع الفقه الإسلامي على هذا المنهج الاجتهادي لمسايرة جميع التطورات الحديثة المستجدة في علوم الطب والجراحة والبيولوجية والأحياء الهندسية الوراثية، وقام بتخريجها تخريجاً شرعياً على قواعد الفقه وفقاً لأصوله وأحكامه العامة والخاصة·

وبهذه الفتاوى التاريخية ظهر عهد جديد في ميدان الطب وعلوم الأحياء والبيولوجية الجزيئية، لسد الفراغ التشريعي في هذه المسائل حتى لا تتعدى الحدود الشرعية، ودفع العلماء إلى البحث العلمي والتجارب الطبية للأغراض العلمية والعلاجية، وبالتالي: فإن العلم أو العلاج يكونان عندئذ مصلحة شرعية مؤكدة، تحقيقاً لامتداد المجتمع وبقائه، ولخدمة منفعة الناس والصالح العام، وهذا كله في إطار حماية الإنسان في حياته وجسده وجثته وأصله الآدمي وهو الجنين، فالآدمي محترم حياً وميتاً في الشريعة الإسلامية·

والله عز وجل هو العليم بكل شيء، وهو الهادي إلى الحق والصواب، إنه على كل شيء قدير·

بقلم الكاتب: الدكتور: بلحاج العربي بن أحمد

ولقراءة المقال كاملا راجع هذا الرابط:

http://alwaei.com/topics/view/article_new.php?sdd=81&issue=448

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير