تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولا أضلَّ ممن يتَّخذ إليه سبيلاً غير سبيله،’

وأيسر سبيل إليه أن تصونه بالإخلاص والعمل، وإياك أن تهجر بقولٍ فلربما كان به غصَّة،،

إذاً ,’

فليس خيراً من أن تضع طرف لسانك على لهاتك، فإن تقضي مُمسكاً عليك لسانك، خير من أن تموت وأنت تحركه بكلمة تؤْذي به إخوانك,’

واعلم رعاك الله أن العاقل من يعرف مواقع عقله ولسانه، فلا يقع على واحد منها إلا وهو آمن على عقله أن يغتال،’

وعلى لسانه أن يقطع.

(27)

أي بُني,’

اعلم,’ أن العالم هو الذي يعلم المسألة من مسائل العلم، فيكون

عقله حافظاً لها، ولسانه قائلاً بها، وجوارحه عاملةٌ بها، وسمته داعياً لها,’

واعلم,’ أن الفقيه ليس هو بالذي يحفظ النصوص، فكم من حافظ لها هو أجهل الناس،’

لكن الفقيه هو الذي يستخرج منها الأحكام والفوائد،’

وهي معروضةٌ أمام عقله وناظريه، يأخذ منها للناس أكثر مما يأخذ الناس منها،’

فإن وافق الحقَّ وأصابه فذاك، وإلا فقد أوفر لنفسه أجراً

عند ربه سبحانه.

(28)

أي بُني,’

اعلم أن اللسان أمةٌ وافرةُ العَدَد، كثيرة العُدَد،’

يشرف بها إمامُها وهو العقل،

ويعزُّ بها اللائذ بها وهو العييُّ،

ويسمو بها دانيها وهو الحائر،

وينجو بها حسيرُها وهو المتأخِّر،

ويشتد بها ضعيفها وهو الحَييُّ،’

فانظر أي بُني أعزك الله، من تكون في أُمة اللسان، ومن ستكون مع من أسلمته قيادك,’

واعلم رعاك الله أن الصبر والجزع طرفان يفصل بينهما حاجزٌ، فإلى أيهما كنت فقد سقط الحاجز،’

لكن إن كنت إلى الجزع أدنى، فاستذكر قول الله سبحانه:

{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَاب}

وإن كنت إلى الصبر أقرب والجزع -منك حينئذٍ- كفٌّ ممسكةٌ بعنان الصبر، فهو نعمة أفاءَ الله بها عليك وجمَّلك بها,’

واعلم يا رعاك الله، أن أصدق الشوق وأصفاه وألذَّه ما يُفرح بالقرب، ويُحزن بالبعد،’

واعلم أن النجاح معقودٌ بأربعة,’

الإخلاص في التصور، والأمانة في الأداءِ، والإتقان في العمل، وإيثار أمر الجماعة

على أمر الفرد.

(29)

أي بُني,’

اتخذ الصبر درعاً تقيك، وتدفع عنك أذى مبغضيك،’

فإن أرادك أحدٌ بسوءٍ، فبسط به يده إليك لم يصل إلى عبوس فيك، وإن أرادك أحدٌ بخير فلم ينفذ إليه،’

فاحسنْ إليه بأحسنَ مما كان سينالك منه لو كان له نفاذ إليه،’

ولا تجعل يدك مغلولةً عن معروفٍ مهما صغر، وإياكَ أن تجعل من إساءَةِ من أحسنت إليه حائلاً بينك وبين تضعيف الإحسان إليه،’

واعلم أي بُني أن النادم على معروفٍ يبذله لا يستأْهل حتى أن يكون حاضراً في قلبه فيذكره،’

والنَّاسي أنه صانع معروف هو أهله الذي يردُّ إليه عند الحاجة إليه.

(30)

أي بُني,’

اعلم أنَّ الجعلان لا تعيش إلا في السباطات، ولا تكبر وتنمو إلا في القاذورات والنتن،’

وأن النَّحل لا تحط إلا على الأزهار والورود،’

فكن مع النحل في البحث عن رحيق الزهر،’

وإياك أن تُمِرَّ ذِهْنَك بالجعلان،’

والتمس لأهل الحق والصدق عذراً باساءَتهم إليك، وأما أهل السَّفاهة وظعائن الأهواءِ، فأحسن ما يكون لك الإعراض عنهم، ونبذهم من وراءِ ظهرك،’

ولا تمنن على نفسك بأنك صبرت على الأذى والقذى، فلرب يومٍ يمر بك ترى أنك في حاجة إلى من يصبر عليك، كحاجتك إلى الهواءِ إذ يضيق بك صدرك أو كحاجتك إلى الماءِ حين يشتد بك الظمأ،’

أو كحاجتك إلى رغيف الخبز حين يستبدُّ بك الجوع.

(31)

أي بُني,’

إن كنت عاقلاً، فلا تجعل في نفسك فرقاً بين من عظمت جثَّته بأكلٍ وشربٍ وكبر مقطَّع، وبين بعوضةٍ عظُم جرمها بمص الدماءِ,’

وليس في الناس أسوأ ممن يرى في صنيعك الخير معروفاً، غيرك أحق بأن يكافأ عليه،’

فإذا سألته: لماذا كان منك هذا،’

قال: لئلا يفوتني خير أرجوه منه، ونسي المسكين أنه قد لا يأتيه معروف إلا ممن أسلف له المعروف،’

وكن دائماً باسطاً يدك به، ولا تعجل على نفسك بالملالة، فإن قطار الموت دائب الحركة والسفر، فلعلك تصعد إليه في سفر لا تؤوب منه،’

واذكر نعمة الله عليك،’

إذ كنت فقيراً فأغناك الله،’

وكنت ضعيفاً فقوَّاك الله،’

وكنت محروماً فأعطاك الله،’

فإياك إياك أي بُني والبخل عن نفسك، وتصدَّق بالمعروف على من هو أهلٌ، وعلى من ليس بأهل، فإن وافق معروفُك أهلَه فهو أهلُه،’

وإلا فأنت أهله وأهلُه وأهلُه.

(32)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير