تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يرى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنّ العمل بالضعيف عند هؤلاء الأئمة, هو مجرد رجاء الثواب المترتب عليه وخوف العقاب, لا أنّه مُلزم لأحد, حيث يقول: "العمل به بمعنى أنّ النفس ترجو ذلك الثواب وتخاف ذلك العقاب, كرجل يعلم أن التجارة ربح, لكن بلغه أنها تربح ربحاً كثيراً, فهذا إن صدق نَفَعَه, وإن كذب لم يضره, ومثال ذلك: الترغيب والترهيب بالإسرائيليات, والمنامات, وكلمات السلف والعلماء, ووقائع العالم, ونحو ذلك, مما لا يجوز بمجرده إثبات حكم شرعي لا استحباب ولا غيره, ولكن يجوز أن يذكر في الترغيب والترهيب والترجية والتخويف" (مجموع الفتاوى 18/ 66).

• المناقشات والترجيح:

- القول الأول: المروي عن الأئمة الأربعة, ليس فيه نصوص من كلامهم, إلاّ مجرد إلزامات, ولازم القول ليس بقول ما لم يلزم به صاحبه كما هو مقرر في علم الأصول.

- أما القول الثالث: فالحديث الذي استدلوا به حديث موضوع منكر, كما سبق بيانه.

- ثم إنّ الأمر إذا ثبتت فضيلته من طريق صحيح, لم يحتج إلى الروايات الضعيفة, فلنا في صحيح الحديث ما يغنينا عن سقيمه.

- أما الشروط التي ذكرها أصحاب القول الثالث: فهي في حقيقة أمرها شروط يعجز عن تطبيقها عامة الناس, فهي لا تتيسر إلاّ للمتضلع المتمرّس في علم الحديث ("تمام المنة في تخريج فقه السنة" للألباني, ص 32 - 3.

- ثمّ إنّ أولئك المرخصين في رواية الضعيف من أئمة السلف, معلوم عنهم سياق الإسناد, كما يدل عليه المعهود من صنيعهم, وما تشير إليه عباراتهم المتقدمة من تعيين التساهل في الأسانيد, فيحدثون بالشيء من تلك الأخبار بأسانيدها, ومن أسند فقد أحال, والإسناد لمن يفهمه، لا لمن لا يفهمه.

"وهذا المعنى بهذا القدر لم يجر عليه حال المتساهلين من المتأخرين في هذه المسألة, بل إنهم جاوزوا طريقة أولئك العلماء من السلف في ثلاثة أمور ضرورية:

أولها: أنهم حذفوا الإسناد غالباً، وكان السلف يسوقون الأسانيد.

وثانيها: أنهم ترخصوا في التحديث به للعامة منسوباً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، دون بيان, والعامة ربما اعتقدوا بسماعه أو قراءته في الكتب صحة نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وثالثها: أنهم جاوزوا فيه الضعيف الصالح للاعتبار, إلى الواهي والمنكر والموضوع.

فمن فعل هذا لم يصح له دعوى الاقتداء بترخيص من ترخص بذلك من السلف, لتجاوزه الصفة التي قصدوا.

- كما أنّ التساهل برواية الحديث الضعيف له آثار سيئة ونتائج وخيمة, منها:

توسيع دائرة الضعيف الذي خفّ ضعفه, إلى الأحاديث الواهية المكذوبة.

ومنها: إثبات بعض الأحكام الشرعية التعبدية, بالاستناد إلى الأحاديث الموضوعة, كما هو الشأن في فضائل الأوقات وغيرها.

ومنها: رواية الحديث الضعيف والمنكر, دون بيان حُكمه, كما يفعله كثير من الوعاظ والخطباء, وفي هذا إلباس على العوام أمر دينهم, وغش لهم.

ومنها: انتشار البدع والخرافات, بسبب انتشار هذه الأحاديث الضعيفة.

فالراجح

هو قول المانعين من رواية الأحاديث الضعيفة والاحتجاج بها -مطلقاً-:

- لورود النهي الشديد والوعيد الأكيد, في حق من روى الأحاديث المكذوبة الباطلة.

- ولأنّ الحديث الصحيح يغني عن الروايات الضعيفة, والأحاديث الواهية.

- ولقلّة معرفة الناس بعلوم الحديث في هذا الزمن, فلا يمكنهم التمييز بين الصحيح والسقيم, فلزم الاقتصار على ما صحّ وثبت من الأخبار والروايات.

- ولأنّ في منع رواية الأحاديث الضعيفة والاحتجاج بها, قطع للطريق أمام أهل الأهواء والبدع, كالصوفية وغيرهم.

هذا والله تعالى أعلم.

كتبه وحرّره: أبو يزيد المدني ... من إجابات الشيخ على أسئلة الاعضاء ***

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير