وفي البخاري (باب من مات وعليه نذر) وعلق بصيغة الجزم عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما، فقال: وأمر ابن عمر امرأةً جعلت أمُّها على نفسها صلاة بقباء، فقال: صلّي عنها، وقال ابن عباس نحوه
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ترجمة الباب:
أي هل يقضى عنه أو لا؟ والذي ذكره في الباب يقتضي الأول، لكن هل هو على سبيل الوجوب أو الندب؟ خلاف يأتي بيانه .... ثم بيّن الحافظ أنه ورد عنهما خلاف ذلك،
فقال:
وجاء عن ابن عمر وابن عباس خلاف ذلك فقال مالك في الموطأ أنه بلغه أن عبد الله بن عمر كان يقول لا يصلى أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد وأخرج النسائي من طريق أيوب بن موسى عن عطاء بن أبي رباح عن بن عباس قال لا يصلى أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد أورده بن عبد البر من طريقه موقوفا ثم قال والنقل في هذا عن بن عباس مضطرب ...... ثم ذكر أن ابن المنير حاول الجمع بين هذا التعارض فقال:
وقال ابن المنير: يحتمل أن يكون ابن عمر أراد بقوله صلي عنها العمل بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إذا مات بن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث) فعَدَّ منها الولد لأن الولد من كسبه فأعماله الصالحة مكتوبة للوالد من غير أن ينقص من أجره، فمعنى صلى عنها أن صلاتك مكتتبة لها ولو كنت إنما تنوي عن نفسك، كذا قال ولا يخفى تكلفه، وحاصل كلامه تخصيص الجواز بالولد. اهـ بتصرف الفتح (11/ 584)
والحاصل أن الحافظ رحمه الله تعقب ابن المنير في توجيهه لكلام ابن عمر (صلي عنها) لا في أصل كلامه وتقريره، أن عمل الولد مكتوب للوالد لأنه من كسبه وهو محل الشاهد هذا كله من النقل، وإنما نقلت تعقيب الحافظ لئلا يعترض به عليّ أحد، فأنا على علم به.
قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} (الطور:21):
وهذا من تمام نعيم أهل الجنة، أن ألحق الله بهم ذريتهم الذين اتبعوهم بإيمان أي: الذين لحقوهم بالإيمان الصادر من آبائهم، فصارت الذرية تبعا لهم بالإيمان، ومن باب أولى إذا تبعتهم ذريتهم بإيمانهم الصادر منهم أنفسهم، فهؤلاء المذكورون، يلحقهم الله بمنازل آبائهم في الجنة وإن لم يبلغوها، جزاء لآبائهم، وزيادة في ثوابهم، ومع ذلك، لا ينقص الله الآباء من أعمالهم شيئا، ولما كان ربما توهم متوهم أن أهل النار كذلك، يلحق الله بهم أبناءهم وذريتهم، أخبر أنه ليس حكم الدارين حكما واحدا، فإن النار دار العدل، ومن عدله تعالى أن لا يعذب أحدا إلا بذنب، ولهذا قال: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} أي: مرتهن بعمله، فلا تزر وازرة وزر أخرى، ولا يحمل على أحد ذنب أحد. هذا اعتراض من فوائده إزالة الوهم المذكور. اهـ تيسير الكريم الرحمن عند تفسيره للآية المذكورة من سورة الطور.
والفهم الذي ظهر لي وهي في الحقيقة أشبه بالمعادلة الرياضية المنطقية الضرورية:
المعادلة الرياضية في الآية الربّانية (وليست من باب الإعجاز العلمي)
وهي في الحقيقة نتيجة لسؤال كان يراودني:
والذي نصّه: لماذا لم يَنُصَّّ سبحانه وتعالى على العكس، فيلحق الآباء بمراتب الأبناء الذين سبقوهم في الفضل والثواب؟، ليُتمّ نعمته على الأبناء برفع آبائهم إلى مرتبتهم، فيحصل لهم كما النعيم، لئلا يُنَغِّصَ على الابن كونُ والديه في مرتبة دونه، ولا شك أن ذلك من تمام النعمة والإكرام، فكم من ابن فاق أباه في الصلاح والاستقامة، بل هو الغالب المشاهد الآن. ولكن بعد التأمّل والفكر وتدبّر كلام أهل العلم السابق، تبيّن لي أن ذلك لن يحصل أبدا، وهذا السر في أنّه سبحانه وتعالى لم يَنُصَّ على العكس، لأنّ الأب يسبق الابن ولابُدّ، لأنه مهما كان الأب مقصرا في العمل الصالح ـ بشرط الاتصاف بالإيمان ـ وكان الابن على قدر من الصلاح والتقوى، فالمعادلة الرياضية تقول: إنّ الأب سيكون في مرتبة أعلا من الابن ولابُدّ، لأن عمل الابن سيوضع في ميزان الأب، فيضاف إلى عمل الأب، فالنتيجة الحتميةأن عمل الأب سيفوق عمل الابن، فمرتبة الأب ستكون أعلا من مرتبة الابن، لأن الابن من كسب أبيه، فالأباء يعلون رتبة على الأبناء أبدا مادام الإيمان بينهم، والله تعالى أعلم.
وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
وكتب أخوكم
أبو وائل غندر
(1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftnref1) ما بين معقوفتين بياض في الأصل وهي زيادة يقتضيها السياق.
ـ[راشدالشمري]ــــــــ[02 - 05 - 09, 09:11 ص]ـ
أخي الكريم للأسف ما قررته باطل
إن الله ذكر صنفا واحدا وهو أن يكون الآباء أصلح من الأبناء فيلحق الله الأبناء بالآباء
ولم يسكت الله عن ذكر العكس للعلة التي ذكرتها وهو أن الآباء دائما يكونون في الجنة فوق الأبناء
وإنما والله أعلم لأن قياس ما حكم الله به أن الأبناء إذا كانوا فوق الآباء في الجنة فإن الله يلحق آباءهم بهم
هذا هو القياس الصحيح
ومما يدل على أن قولك فالمعادلة الرياضية تقول: إنّ الأب سيكون في مرتبة أعلا من الابن ولابُدّ، لأن عمل الابن سيوضع في ميزان الأب، فيضاف إلى عمل الأب، فالنتيجة الحتميةأن عمل الأب سيفوق عمل الابن، فمرتبة الأب ستكون أعلا من مرتبة الابن، لأن الابن من كسب أبيه، فالأباء يعلون رتبة على الأبناء أبدا مادام الإيمان بينهم،
هو قول باطل
أن والد أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بإجماع الأمة هو دون أبي بكر في الجنة منزلة
فعلى قولك يكون أبو قحافة أعلى منزلة وأبو بكر يلحق به
وهذا باطل بين البطلان
والله أعلم
¥