تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

15 - تلاحظون أن الإمام البخاري من موضع إلى آخر تختلف عنده صيغ الأداء، ففي موضع الصيغة "سمعت" وفي موضع آخر (عن) كما هنا، عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-، هناك سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم-، الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- لا يهتم لهذه الصيغ، فهي عنده بمعنىً، وإن كان التصريح بالسماع والتحديث أقوى اتفاقاً إلا أنه العنعنة عنده محمولة على الاتصال بالشرطين المذكورين عنه، ولا إشكال فيها حينئذٍ فلا أثر لها، ولذلكم لا تجدون الإمام البخاري ينبه على مثل هذه الفروق، بينما الإمام مسلم ينبه بدقة، فمثلاً يقول: حدثنا فلان وفلان وفلان وفلان قال فلان: حدثنا، وقال الآخران: أخبرنا، فتجده ينبه، وقال الرابع مثلاً: عن فلان، المقصود أن مثل هذه الفروق لا يعتني بها الإمام البخاري -رحمه الله-، ويعتني بها بشدة الإمام مسلم وغيره أيضاً، لكن الإمام مسلم عمله في ذلك أظهر، وهل مثل هذا التصرف مما يرجح مسلم على البخاري أو لا؟

يعني ذكرنا مراراً أن مسلم ينبه على فروق الروايات، يعني الألفاظ قد ينبه على لفظ لا أثر له في اختلاف المعنى، الإمام البخاري لا ينبه، ينبه الإمام مسلم على صاحب اللفظ، اللفظ لفلان، والبخاري لا ينبه فهل نقول: إن هذا مما يترجح به صحيح مسلم على صحيح البخاري؟ قال به بعضهم، قال بعضهم هذا، وجعلوا محور العمل على صحيح مسلم، ثم يأخذون زوائد البخاري، لكن هل هذا العمل صحيح؟ نقول: نعم، مسلم ينبه على أن هذا لفظ فلان أو فلان، لكن من يجزم أن اللفظ النبوي هو لفظ فلان أو فلان؟ كلهم يجيزون الرواية بالمعنى، حتى البخاري ومسلم، فكون مسلم يعتني برواية واحد من الرواة دون رواية أخر من الذي يجزم بأن ما اختار أو ما نبه عليه هو المحفوظ بلفظه عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، والمدار في الترجيح كون المأثور لفظ النبي -عليه الصلاة والسلام-، أما كونه لفظ فلان أو فلان من الرواة الحفاظ والثقات الأثبات هذا لا أثر له، الإمام مسلم ينبه على صاحب اللفظ، والإمام البخاري قد يروي الحديث عن أكثر من واحد ولا ينبه، لكنه ظهر بالاستقراء من صنيعه على ما ذكره الحافظ ابن حجر ظهر من صنيعه ظهر بالاستقراء من صنيعه أن اللفظ للأخير، اللفظ للأخير، إذا روى الحديث عن أكثر من واحد ثم ساقه من غير أن ينبه وهذه عادته لا ينبه، لكن ظهر بالاستقراء من صنيع الإمام البخاري أن اللفظ حينئذٍ يكون للأخير.

وبان لنا من خلال تتبع الصحيح أن هناك مواضع خالفت ما ظهر للحافظ بالاستقراء، فيكون استقراؤه أغلبي لا كلي، يعني كأنه اختبر مواضع، نعم؟

طيب، المقصود أنه ما دام شرطه أشد فالعنعنة عنده مثل السماع، ما دام يحتاط للعنعنة دعونا مما أثير حول المسألة لكن المعروف عند أهل العلم أن شرط البخاري أشد، ويشترط أقل الأحوال اللقاء، فإذا ثبت اللقاء ما في شيء ما في إشكال يعني كونه يقول: سمعت أو قال أو عن فلان.

شرطه في الصحيح أقوى، يعني حتى ما يصححه خارج الصحيح لا ينطبق عليه هذا الشرط.

لكن هل نقول: إذا ذكر الترمذي أن البخاري صحح هذا الحديث، صحح هذا الحديث، سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: صحيح، ثم للإمام أحمد رأي أو لغيره من الأئمة رأي آخر، تضعيف مثلاً، نقول: خلاص صححه إمام الصنعة وننتهي؟ لا، هذا في داخل الصحيح نعم، يعني لو عورض تصحيح البخاري في صحيحه بكلام لأي أحد كائناً من كان نرجح ما في الصحيح، لماذا؟ لأن الأمة تلقته بالقبول، وأجمعوا على أن ما فيه صحيح، لكن ما يصححه الإمام البخاري -رحمه الله- خارج الصحيح يعني يقبل النظر والترجيح فيما بينه وبين غيره.

ذكرنا مثال رفع اليدين بعد الركعتين، بعد القيام من التشهد أثبته البخاري مرفوع من حديث ابن عمر، والإمام أحمد يقول: موقوف، ولذلك لا تجدون في كتب الحنابلة إثبات هذا الموضع.

يعني هل يقابل ما روي عن الإمام أحمد -رحمه الله- بما ثبت في صحيح البخاري؟ لا، لو كان التصحيح مرفوعاً من حديث ابن عمر فيما ينقله الترمذي أو غيره عن الإمام البخاري قلنا: ننظر، وأظن الفرق ظاهر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير