تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ترك من الصحاح أكثر لكن غير ما ثبت في الصحيح .. ، ويش اللي جعل البخاري -رحمه الله- أو صحيحه في هذه المنزلة؟ كون الأمة اتفقت على أنه أصح الكتب، تواطئوا عليه، وهذا القبول وهذا التلقي يقول ابن حجر: أكثر من حيث القوة أقوى من مجرد تعدد الطرق.

سؤال:هذا يقول: ألا يشكل أن عمر -رضي الله عنه- رواه على المنبر ثم لم يروه عنه إلا واحد؟

هذا لا يشكل؛ لأنه إذا حمل الحديث من تقوم به الحجة فما يزيد عليه قدر زائد لا يحتاج إليه، فيقال مثل هذا في الأعداد الكبيرة التي تذكر عن الأئمة مما يحفظونه من السنة نقول: ما ضاع على الأمة شيء، الإمام أحمد يحفظ سبعمائة ألف حديث، يقول: أعظم برنامج في الدنيا وجد من مطبوع ومخطوط خمسمائة ألف طريق، أين البقية؟ نقول: ما ضاع شيء؛ لأنه إذا ثبت الخبر بمن يلزم قبوله ولو من طريق واحد لا يلزم أن تذكر الطرق الأخرى.

16 - على كل حال نأتي إلى قصة أم سليم في امتناعها من التزويج بأبي طلحة حتى يسلم، وهو في الحديث الذي خرجه النسائي في المجتبى وفي الكبرى أيضاً بسند يقول ابن حجر: بسند صحيح، عن أنس قال: "خطب أبو طلحة أم سليم فقالت: والله ما مثلك يا أبا طلحة يرد، ولكنك رجل كافر وأنا مسلمة، لا يحل لي أن أتزوجك، فإن تسلم فذاك مهري، فأسلم فصار الإسلام مهراً لها" ...

يقول العيني: الثالث يعني الجواب الثالث أنه لا يصح هذا عن أبي طلحة، فالحديث وإن كان صحيح الإسناد لكنه معلل بكون المعروف أنه لم يكن حينئذٍ نزل تحريم المسلمات على الكفار، وإنما نزل بين الحديبية وبين الفتح حين نزل قوله تعالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [(10) سورة الممتحنة] كما ثبت في صحيح البخاري، وقول أم سليم في هذا الحديث: "ولا يحل لي أن أتزوجك" يقول: شاذٌ مخالفٌ للحديث الصحيح وما أجمع عليه أهل السير فافهم.

يمكن أن توضح هذه المسألة، يعني تضعيفه ليس له وجه، لماذا؟ لأن الإسناد صحيح والمعنى يمكن توجيهه، الذين أسلموا من الأعراب طمعاً في ما يبذله النبي -عليه الصلاة والسلام- للتأليف، وهم صنف، المؤلفة صنف من الأصناف الثمانية إسلامهم صحيح وإلا غير صحيح؟ إسلامهم صحيح، ويبقى أنه دون من أسلم لله -جل وعلا- رغبة فيما عنده، وخوفاً من وعيده الذي توعد به الكفار، يبقى أنه دونه، لكن قد يحسن إسلامه فيما بعد وإن كان إسلامه رغبة في أمر من أمور الدنيا ثم بعد ذلك يمد في عمره ويحسن إسلامه فيكون من أجلاء الصحابة وفضلائهم، كما حصل من أبي طلحة، فمثل هذا .. ، هذا يؤثر لو أن الإنسان دخل في الإسلام مباشرة ثم قبض، يعني ما امتدت به الحياة حتى حسن إسلامه وصار من أجلاء الصحابة، يعني الذين أسلموا من الأعراب طمعاً فيما يفرض لهم من الزكاة هل نقول: إن إسلامهم غير صحيح؟ إسلامهم صحيح، لكنه دون من أسلم رغبة فيما عند الله -جل وعلا-، ويمكن أن يكون الإسلام غير صحيح إذا دخل في الإسلام ظاهراً لا باطناً من أجل حقن دمه أو بذل المال له، أو تزوجه فلانة أو فلانة، هذا يكون إسلامه غير صحيح، لكن لو أسلم ظاهراً وباطناً، والدافع من الأصل ما يؤلف به مثله من الأموال أو امرأة كما في قصة أم سليم والدوافع كثيرة،

بعض الناس يسلم لا لأنه عرف بالتفصيل عن الإسلام، عرف شيء غير مؤثر في إسلامه، عرف شيء بس مجرد ميل، مالت نفسه إلى هذه البيئة التي ترجحت عنده على غيرها ممن يسكن في بلده، وحسب ما عنده من المحاسن إلا هذه، يعني الأمريكي الذي أسلم غسال، قيل له: هل دعاك أحد؟ قال: لا، والله ما دعاني أحد، لكن أسلمت لأن ثياب المسلمين يؤتى بها نظيفة لا روائح فيها، وتأتي ثياب الكفار لا سيما الداخلية روائحها قبيحة، والسبب في ذلك أن الاستنجاء عند المسلمين له شأن عظيم ومؤثر في أعظم العبادات فهم يهتمون به، وأولئك لا يهتمون به، إلا من الناحية الصحية، يهتمون به يمكن من أجل الصحة.

على كل حال الذي أسلم بمجرد هذا الفرق يعني غير مستحضر أن هناك جنة ونار، ووعد ووعيد، وأن من أسلم خالد مخلد في نعيم أبدي سرمدي، ومن لم يسلم العكس، قد لا يستحضر هذه الأمور، فإذا أسلم وامتدت به الحياة حسن إسلامه صار من خيار المسلمين، فمثل هذه الأمور في البدايات قد يكون الدافع يعني ليس مما يؤبه له في الإسلام، يعني مما يطلبه الإسلام، نعم؟

أقول: كل هذا لا يقدح ما دامت القصة ثابتة، والقدح في صحة الإسلام بمثل هذا القصد كالقدح فيه في حال التأليف وإعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة وهو منصوص عليه في كتاب الله -جل وعلا-، وإن كان من أسلم مخلصاً لله -جل وعلا- في إسلامه دون أي نظر إلى الدنيا لا شك أن مثل هذا إسلامه أكمل بلا ريب، لكن لا يمنعه من صحة إسلام المؤلف قلبه لا سيما إذا امتدت به الحياة وحسن إسلامه بعد ذلك، وصحت نيته وخلصت لله -عز وجل-.

17 - شيخ البخاري في هذا الموضع يحيي بن قزعة، بفتح القاف والزاي القرشي المكي المؤذن، مقبول من العاشرة، مقبول، المقبول عند ابن حجر كما ذكره في المقدمة من ليس له من الحديث إلا القليل، ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يرد حديثه من أجله، فإن توبع فمقبول وإلا فلين، الآن يحيى بن قزعة متَابع وإلا غير متَابع؟ متابع، بجمع من الحفاظ، هذا مقبول لأنه توبع، طيب لو روى يحيى بن قزعة حديث ما توبع عليه يسمى لين، يضعف حديثه وإلا ما يضعف؟ لا، اللين يضعف، لكن الشأن في القبول في كلمة مقبول، وهذه رددناها وفيها إشكالات وعرضناها في مناسبات، كان الآن مقبول لماذا؟ لأنه توبع، أنت افترض أنه روى حديثاً في السنن مثلاً لم يتابع عليه بما نحكم عليه؟ الإشكال أن الباحث يبي ينظر إلى كلام ابن حجر في هذا الموضوع ويبي يقول: ابن حجر يقول: مقبول، إذاً الحديث حسن، ولا يرجع إلى مقدمة الكتاب، ما يستحضر ما قاله ابن حجر في مقدمة الكتاب، وهذا عليه صنيع كثير من طلاب العلم الذين يحققون، نعم؟

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير