تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[11 - 06 - 09, 10:17 م]ـ

و قال في (أدب الطعام):

(المطاعم تُراد للصحة لا للذة، لأنها خُلقت لتصح بها أبداننا، و تصير مادة لحياتنا، فهي تجري مجرى الأدوية يُداوَى بها الجوع، و الألم الحادث منها.

فينبغي أن يأخذ المتأدب بما يذكر:

1 - لا يتناول الطعام إلا إذا صدق الجوع.

2 - لا ينبه الشهوة بوسائط.

3 - لا يتأخر عن تناوله إذا طلبته النفس.

4 - لا ينتظر زيادة التوق إليه.

5 - لا يجعل هَجّيراه (1) مدحَ الطعام الذي يستعظمه أهل الشره.

6 - يقبّح عنده صورة من شره إليه، ونال منه فوق حاجته.

7 - لا يبادر إليه إذا جلس مع غيره، ولا يديم النظر إلى ألوانه، و لا يحدق بها؛ لا يسرع في الأكل، لا يوالي بين اللقم؛ لا يعظم اللقمة، و لا يبتلعها حتى يجيد مضغها؛ لا يلطخ يده ولا ثوبه، و لا يلحظ من يؤاكله (2)، و لا يتبع بنظره مواقع يده من الطعام، يعوّد نفسه على أن يُؤثر غيره بأفضل ما يليه، يضبط شهوته حتى يقتصر على أدنى الطعام و أدونه، يأكل الخبز بلا إدام أحيانا.

8 - يحترز من تناول الشديد البرودة والسخونة.

9 - لا يأكل طعاما قبل هضم الأول، والزمن اللازم للهضم خمس ساعات إلى ست، و مع ذلك فلا تشغل المعدة بالأكل بمجرد مضي ذلك، بل يجب أن يكون بين الأكلتين ست ساعات أو سبع، مع وجود الشهية الصادقة، وإلا فيلزم الامتناع حتى توجد.

10 - ويجتنب الأكل ليلا، لأن فيه مبتدأ النوم، مع اشتغال المعدة بالهضم، فيجتمع فعلان في الجسم، يشوّش أحدهما على الآخر، فينشأ عنه الهضم و التعب في النوم.

11 - و ينبغي أن يكون مقدار الغذاء قليلا (3)، لا سيما لمن كانت أشغاله عقلية، لئلا يثقل الجسم ويغالبه النعاس، فيختلط فكره، ولا يتمكن من إتمام عمله.

12 - و يكون العشاء أكثر قليلا، لأن الأعمال النهارية تمت، وجاءت برودة الليل فيسهل الهضم) اهـ.


(1) قال في النهاية:
(الهِجِّيرُ والهِجِّيرَى:الدَّأبُ والعَادَةُ والدَّيْدَنُ) اهـ.
(2) قال ابن العماد الأقفهسي في (آداب الأكل):
(ولاتكن في غضون الأكل ذا نظر*إلى جليسك يغدو منك في خجل.
ينبغي للآكل حال أكله ألا يديم النظر إلى جليسه، لأن ذلك يخجله فيترك الطعام قبل أن يشبع .. ) اهـ.
(3) وبهذا جاءت السنة المطهرة، ففي المسند وجامع الترمذي-و صححه الألباني- عن المقدام بن معدي كرب عن النبي – صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه).

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[13 - 06 - 09, 07:02 م]ـ
و قال في (كيفية الأكل ومدته):

(ينبغي للآكل أن يغسل يديه قبل الطعام وبعده غسلا جيدا (1)، وإن كان بصابون فهو أولى، و أن يجلس على المائدة مستويا باحتشام، لا متكئا و لا منحنيا بصدره، ولا باسطا يديه على الخِوان، وأن يضع الخبز على شماله، و الملعقة والشوكة و السكين عن يمينه، و أن لا يمس بيده سوى الأشياء الجافة كالخبز و الثمار، و أن لا يشم رائحة الطعام قبل أن أكله، و أن لا يضع في صحفته (2) أكثر مما يأكله، و أن يجزأ ما يضعه أجزاء صغارا، و لا يأكله لقما كبارا، و يأكل بيمينه إلا لضرورة (3)، ويجتنب الإسراع المفرط، و البطء كذلك، وتكون مدته عشرين دقيقة إلى ثلاثين، فإن طالت فلا تزيد على ساعة! (4).
و يتجنب الأكل وقت الغضب، و الانفعالات النفسية، لخطر أعراضه حالتئذ، ولابد وقت الأكل من راحة الفكر ليحصل الهضم، فلا يخوص في العويصات، ولا في الأمور المحزنة، و لا يتذكرها، و ليحذر نفخ الطعام الحار (5)، و يجب المضغ جيدا، و سحق الجامد بالأضراس، قبل الابتلاع، و أن يمضغ بتمهل لا بسرعة.
و أن لا يستعان على المضغ بسائل كالشاي و القهوة والماء، لأن الغدد اللعابية تفرز سائلا كافيا لتبليل الطعام الجاف، و إفراط الشرب وقت الأكل مضر جدا (6).
و ينبغي الاحتراس من المبادرة إلى الأكل عقب شغل عقلي أو بدني، لأنه يُنْتِج مرضا في أعضاء الهضم، ولا يسوغ تناول طعام غليظ أو كثير في أثناء السير على عجلة أو دابة، لا يكون لطيفا و قليلا، و من فرغ من الأكل في دعوة فليقلل الجلوس من غير حاجة (7)، وليستأذن في الانصراف.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير