تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أو يحمل هذا الحديث على زمن الجهل ودروس الإسلام, ومن لم تبلغه الدعوة, وهذا الوجه الثاني, ومن أدلة ذلك حديث حذيفة: «يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لايدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك، ولا صدقة، وليسرى على كتاب الله عز و جل في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه أية، وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله، فنحن نقولها» فقال له صلة: ما تغني عنهم لا إله إلا الله، وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام، ولا نسك ولا صدقة؟ فأعرض عنه حذيفة، ثم ردها عليه ثلاثا، كل ذلك يعرض عنه حذيفة، ثم أقبل عليه في الثالثة فقال: ياصلة تنجيهم من النار.

أخرجه ابن ماجه وغيره, وسوف يأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى.

ووجه الشاهد من هذا الحديث أن هؤلاء لم تقم عليهم الحجة بترك هذه الأعمال؛ لعدم بلوغهم الخطاب بهذه التكاليف فهم معذورون, وعلى هذا حمل أبو الوفاء ابن عقيل بعض النصوص التي جاء فيها عدم العمل ونقل ذلك عن أصحابه الحنابلة كما في «مجموعة الرسائل والمسائل» (4/ 512 - 513).

أو يحمل ما جاء في حديث أبي سعيد الخدري على الأمم الأخرى, وهذا الوجه الثالث كما في «الصحيحين» من حديث حذيفة عن النبي ?: «تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم، فقالوا: أعملت من الخير شيئا؟! قال: لا. قالوا: تذكر. قال: كنت أداين الناس، فآمر فتياني أن ينظروا المعسر، ويتجوّزوا عن الموسر، قال الله عز وجل: تجوّزوا عنه».

وفيهما أيضا من حديث أبي هريرة بنحوه, وفي لفظ عند النسائي (6247 - الكبرى): «أن رجلا لم يعمل خيرا قط, وكان يداين الناس ... » ([14]).

فهذا في بعض الأمم السابقة لقوله عليه الصلاة والسلام: «ممن كان قبلكم» وحديث أبي سعيد الخدري الذي جاء في ذكر الشفاعة جاء فيه: «شفعت الملائكة, وشفع النبيون ... » فهذا يشمل الأمم الأخرى, والله تعالى أعلم.

أو يحمل حديث أبي سعيد على من لم يتمكن من العمل, وهذا الوجه الرابع, قال صاحب كتاب «توحيد الخلاق في جواب أهل العراق» (ص:105): (وأما إخراج الله من النار من لم يعمل خيرا قط, بل كفى عن العمل وجود أدنى إيمان في قلبه, وإقرار بالشهادتين في لسانه, فهو إما لعدم تمكنه من أداء ما افترض الله عليه من أركان الإسلام, بل بمجرد أدنى إيمان في قلبه وشهادة بلسانه خرمته المنية, لكنه قد عمل عملا مفسقا به لوجود ما صدر منه عالما به فاستحق دخول النار عليه) ا. هـ.

قلت: ويشهد لما تقدم الرجل الذي كان في بني إسرائيل وقتل تسعة وتسعين نفسا إلى أن كمل المائة, ثم تاب, وهاجر إلى أرض فيها أناس يعبدون الله تعالى فمات في الطريق, فاختصمت فيه ملائكة الرحمة, وملائكة العذاب, فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبا, مقبلا بقلبه إلى الله, وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرا قط ... » أخرجه البخاري (347) ومسلم (2766) من حديث قتادة عن أبي الصديق عن أبي سعيد به, والشاهد من هذا الحديث أن هذا الرجل لم يتمكن من العمل غير التوبة وهجرته, ولا شك أن هذه أعمال عظيمة.

وهذا يشهد لكلام ابن خزيمة السابق, في أن العرب تنفي الاسم عن الشيء لنقصه عن الكمال والتمام؛ لأن الملائكة في هذا الحديث قالت: «إنه لم يعمل خيرا قط» وهو قد عمل صالحا بتوبته وهجرته والملائكة لا يمكن أن تكذب, فدل هذا على أنه مما يسوغ استعماله في اللغة, كما قال ابن خزيمة رحمه الله تعالى.

* * *

وأما من استدل على عدم كفر تارك الصلاة بحديث حذيفة t قال: قال رسول الله r : « يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس - الشيخ الكبير والعجوز - يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة (لا إله إلا الله) فنحن نقولها». فقال له صلة: ما تغني عنهم (لا إله إلا الله) وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة؟! فأعرض عنه حذيفة، ثم ردها عليه ثلاثا، كل ذلك يعرض عنه حذيفة، ثم أقبل عليه في الثالثة، فقال: يا صلة، تنجيهم من النار.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير