تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال أبو اليمن بن عساكر: ليهن أهل الحديث هذه البشرى, فقد أتم الله تعالى نعمه عليهم بهذه الفضيلة الكبرى, فأنهم أولى الناس بنبيهم وأقربهم - إن شاء الله تعالى - وسيلة يوم القيامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنهم يخلدون ذكره في طروسهم, ويجددون الصلاة والتسليم عليه في معظم الأوقات في مجالس مذاكرتهم ودروسهم, فهم إن شاء الله تعالى الفرقة الناجية, جعلنا الله منهم وحشرنا في زمرتهم. ا هـ.

الحديث الثاني: روى الترمذي عن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (نضر الله امرءاً سمع منا شيئاً, فبلغه كما سمعه, فرب مبلغ أوعى من سامع) وقال هذا حديث حسن صحيح.

وفي الباب أحاديث أخرى, وقال القاري: خص مبلغ الحديث كما سمعه بهذا الدعاء, لأنه سعى في نضارة العلم, وتجديد السنة, فجازاه بالدعاء بما يناسب حاله, وهذا يدل على شرف الحديث وفضله ودرجة طلابه, حيث خصهم النبي صلى الله عليه وسلم بدعاء لم يشرك فيه أحداً من الأمة, ولو لم يكن في طلب الحديث وحفظه وتبليغه فائدة سوى أن يستفيد بركة هذه الدعوة المباركة لكفى ذلك فائدة وغنماً, وجعل في الدارين حظاً وقسماً. ا هـ.

وقال القاضي أبو بكر بن العربي: قال علماء الحديث: ما من رجل يطلب الحديث إلا كان على وجهه نضرة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها, فأداها كما سمعها) ... الحديث.

قال: وهذا دعاء منه عليه السلام لمحلة علمه, ولا بد بفضل الله تعالى من نيل بركته. ا هـ.

وإلى هذه النضرة أشار أبو العباس العزفي بقوله:

أهل الحديث عصابة الحق فازوا بدعوة سيد الخلق

فوجوههم زهر منضرة لألاؤها كتالق البرق

يا ليتني معهم فيدركني ما أدركوه بها من السبق

الحديث الثالث: روى الطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم أرحم خلفائي, قلنا يا رسول الله ومن خلفائك؟ قال: الذين يروون أحاديثي, ويعلمونها الناس).

قال القسطلاني في أرشاد الساري بعد ذكر هذا الحديث: ولا ريب, أن أداء السنن إلى المسلمين نصيحة لهم من وظائف الأنبياء, صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين, فمن قام بذلك كان خليفة لمن يبلغ عنه, وكما لا يليق بالأنبياء عليهم السلام أن يهملوا أعاديهم ولا ينصحوهم, كذلك لا يحسن لطالب الحديث وناقل السنن أن يمنحها صديقه, ويمنعها عدوه, فعلى العالم بالسنة أن يجعل أكبر همه نشر الحديث فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه حيث قال: بلغوا عني ولو آية. الحديث رواه البخاري.

قال المظهري: أي بلغوا عني أحاديثي, ولو كانت قليلة. قال البيضاوي: قال: ولو آية, ولم يقل: ولو حديثاً, لأن الأمر بتبليغ الحديث يفهم منه بطريق الأولوية, فإن الآيات مع أنتشارها وكثرة حفظتها تكفل الله تعالى بحفظها وصونها عن الضياع والتحريف. ا هـ.

وقال مالك رحمه الله تعالى: بلغني أن العلماء يسألون يوم القيامة عن تبليغهم العلم كما تسأل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

وقال سفيان الثوري: لا أعلم علماً أفضل من علم الحديث, لمن أراد به وجه الله تعالى, أن الناس يحتاجون إليه حتى في طعامهم وشرابهم, فهو أفضل من التطوع بالصلاة والصيام, لأنه فرض كفاية. ا هـ.

الحديث الرابع: روى البيهقي في المدخل عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله, ينفون عنه تحريف الغالين, وانتحال المبطلين, وتأويل الجاهلين) كذا في المشكاة.

قال القسطلاني بعد ذكره من حديث أسامة بن زيد: وهذا الحديث رواه من الصحابة, علي وابن عمر وابن عمرو, وابن مسعود, وابن عباس, وجابر بن سمرة, ومعاذ, وأبو هريرة, وأورده ابن عدي من طرق كثيرة, كلها ضعيفة, كما صرح به الدارقطني وأبو نعيم, وابن عبد البر. لكن يمكن أن يتقوى بتعدد طرقه, ويكون حسناً كما جزم به العلائي, وفيه تخصيص حملة السنة بهذه المنقبة العلية, وتعظيم لهذه الأمة المحمدية, وبيان لجلالة قدر المحدثين, وعلو مرتبتهم في العالمين, لأنهم يحمون مشارع الشريعة ومتون الروايات, من تحريف الغالين, وتأويل الجاهلين, بنقل النصوص المحكمة لرد المتشابه إليها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير