تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالرضاعة في حد ذاتها تمنع الحمل إلا إذا أراد الله، والصحيح أن وطء الغيلة لا يضر بالطفل الذي تحمل به أمه أثناء الرضاع؛ لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد هممت أن أنهى عن الغيلة فنظرت في الروم وفارس فإذا هم يغيلون أولادهم فلا يضر أولادهم شيئا) (98).

وبالجملة أقول: إن جميع أساليب منع الحمل منعا مؤقتا لا بأس في استعمالها ما دام أن الزوج قد أذن في ذلك وأنه لا يوجد من وراء استعمالها ضرر يعود على المرأة.

ولكني أنبه إلى أن هذه الأساليب مع أن لها تأثيرا ملحوظا في منع الحمل وقد نتج عنها حالات ظاهرة منع فيها الحمل، إلا أن الله عز وجل إذا أراد أن يحدث الحمل سيحدث بإذنه وقدرته سبحانه حتى وإن استعملت هذه الأساليب مجتمعة.

وهنا يظهر أثر حديث النبي صلى الله عليه وسلم والذي يعد إعجازا في حد ذاته الذي يقول فيه: (ما من كل الماء يكون الولد، وإذا أراد الله خلق شيء لم يعجزه شيء) (99).

ثانيا: استعمال المرأة لما يسقط الحمل:

إن استعمال المرأة لما يسقط الحمل على نوعين:

1ـ أن يقصد من هذا الإسقاط الإتلاف:

فهذا إن كان بعد نفخ الروح فيه فهو حرام بلا ريب؛ لأنه قتل نفس محرمة بغير حق، وقتل النفس المحرمة حرام بالكتاب والسنة والإجماع قال تعالى: [ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق] (100).

وعن عبد الله بن سعيد رضي الله عنه قال: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الذنب عند الله؟ قال: (أن يجعل لله ندا وهو خلقك)، قال: قلت له: إن ذلك لعظيم، قال: قلت: ثم أي؟ قال: (ثم أن تقتل ولدك مخافة ان يطعم معك)، قال: قلت: ثم أي؟ قال: (ثم أن تزاني حليلة جارك) (102). فأنزل الله تعالى: [والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما] (103).

يتضح من الحديث السابق أن من أعظم الذنوب عند الله تعالى أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك، والله عز وجل قد نهانا عن ذلك في كتابه الكريم قال تعالى: [ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا] (104).

والإجهاض قد انتشر في الدول الغربية انتشارا كبيرا، والسبب في ذلك انتشار الإباحية والفساد والفاحشة في هذه الدول حتى إن الدولة الواحدة من هذه الدول ربما وصلت حالات الإجهاض فيها في السنة الواحدة إلى عدة ملايين حالة، فمن يتحرك ويعيش من غير دين فكأنه ليس بحي بل حياته كلها غم وهم وكرب. قال الله تعالى: [ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين] (105).

ومما يصدق على بلاد الكفر التي أصبح الحرام عندهم مباحا وتدنو في حياتهم إلى أدنى مستوى أخلاقي قول بعضهم:

لقد جرب الغرب ما تدعون ....

وهاهم كما زرعوا يحصدون ....

حصاد الهشيم ....

ترى البنت عندهم تخرج من بيتها قبيل الغروب ....

فترجع تحمل في بطنها نتاج اللقاح ....

فتجهضه لتعيد اللقاء ....

وحينا تدعه يلاقي الحياة ....

فتلقيه في ملجأ أو حضانة ....

فيخرج يبحث عن أمه أو أبيه لكي يرضعوه ....

لكي يرحموه .. لكي يطعموه .. لكنه لا يرى ما يريد ...

فيخرج يحمل للكون حقدا دفينا ... لكل الوجود ...

فيضرب هذا .. ويسلب هذا .. ويغصب تلك بغير حدود ...

هكذا هو حال من يبارز الله بالمعصية ويحاربه ويقضي على نعمة من أعظم نعم الله تعالى على العبد وهي نعمة الأولاد، فهل ينتبه المسلمون؟!!

فإسقاط الحمل إن كان قبل نفخ الروح فيه اختلف العلماء في جوازه فمنهم من أجازه، ومنهم من منعه، ومنهم من قال: يجوز ما لم يكن علقة؛ أي ما لم يمض عليه أربعون يوما، ومنهم من قال: يجوز ما لم يتبين فيه خلق إنسان.

والأحوط المنع من إسقاطه إلا لحاجة كأن تكون الأم مريضة لا تتحمل الحمل أو نحو ذلك، فيجوز إسقاطه إلا إذا مضى عليه زمن يمكن أن يتبين فيه خلق إنسان فيمنع (106).

2ـ ألا يقصد من إسقاطه الإتلاف:

وذلك بأن تكون محاولة إسقاطه انتهاء مدة الحمل وقرب الوضع فهذا جائز، بشرط ألا يكون في ذلك ضرر على الأم وأن يكون ذلك بموافقة الزوج، وألا يحتاج الأمر إلى عملية، فإن احتاج إلى عملية

فله حالات أربع:

أ ـ تكون الأم حية والحمل حيا فلا تجوز العملية إلا لضرورة بأن تتعسر ولادتها فتحتاج إلى عملية؛ وذلك لأن الجسم أمانة عند العبد فلا يتصرف فيه بما يخشى منه إلا لمصلحة عظيمة،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير