تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وما يهمنا هنا هو الشرط الشرعي باعتبار أثره في العبادة المشترط فيها، فالشرط الشرعي بهذا الاعتبار ينقسم إلى شرط صحة وشرط وجوب

فشرط الصحة هو الذي لا تصح العبادة إلا به، فإذا تخلف هذا الشرط أصبحت العبادة باطلة، وقد أضافوه إلى أثره، فقالوا شرط صحة، مثل الطهارة للصلاة، فإذا تخلفت بطلت الصلاة، وكعدم الموانع الشرعية للصيام، فإن عدمها شرط صحة فلا يصح صيام الحائض والنفساء بالاتفاق

وشرط الوجوب هو الذي لا تجب العبادة في الذمة إلا به أي التكليف، فهذا الشرط ليس له علاقة بصحة العبادة، وإنما تعلقه بوجوب العبادة في الذمة، فإذا وُجد الشرط وجد الوجوب في الذمة، وإذا انعدم هذا الشرط انعدم الوجوب في الذمة

مثال ذلك البلوغ؛ فإنه شرط وجوب بالنسبة للعبادات، أي لا تجب العبادة إلا على البالغ فقط؛ لقوله «رُفع القلم عن ثلاثة عن الصغير حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ» أبو داود وصححه الألباني

لكن لا شأن للبلوغ في صحة العبادة، فلو صلى الصغير أو حج أو صام صحت عبادته، ولكن هي في ذاتها غير مفروضة عليه

واعلم أنه قد يجتمع الوصفان في أمر واحد فيكون شرط صحة وشرط وجوب؛ كالعقل فإنه شرط وجوب؛ أي لا تجب إلا بالعقل وشرط صحة أي لا تصح العبادات إلا بالعقل

واعلم أن أكثر العبادات تشترك في شروط الوجوب، ولكن تختلف في شروط الصحة؛ إذ إن لكل عبادة هيئة وأوصافًا تميزها عن غيرها، وسوف نبدأ في بيان شروط الوجوب وشروط الصحة الخاصة بالوضوء، ولكن سنبدأ بالشروط التي تجمع بين الأمرين

ثالثًا شروط الوجوب والصحة

العقل اتفق الفقهاء على أن العقل شرط لوجوب الوضوء؛ إذ لا خطاب بدون العقل، فالعقل مناط التكليف [الموسوعة الفقهية]

فلا يجب الوضوء ولا يصح على المجنون حال جنونه، ولا من المصروع حال صرعه، ولا النائم حال نومه؛ لعدم النية؛ إذ لا عبادة إلا بنية؛ لقوله «إنما الأعمال بالنيات» البخاري [الفقه الإسلامي وأدلته بتصرف د وهبة الزحيلي]

الإسلام ذهب الحنفية والمالكية في مقابل المشهور إلى أن الإسلام شرط لوجوب الوضوء؛ إذ لا يُخاطَب كافر بفروع الشريعة، وكذلك شرط صحة، وذهب الشافعية والمالكية في المشهور إلى أنه شرط في صحة الوضوء لا شرط وجوب، بناءً على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة [الموسوعة الفقهية]

وهو الأرجح من أقوال أهل العلم؛ لقوله تعالى " مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ " المدثر

والكلام على هذا الشرط لا يختص بالوضوء، بل بسائر العبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج، فمن جعل الإسلام شرط وجوب وصحة في الوضوء قال بذلك في سائر العبادات، ومن قال إنه شرط صحة فقط قال بذلك أيضًا في سائر العبادات

انقطاع ما ينافي الوضوء من حيض ونفاس اتفق الفقهاء على أن المرأة إذا كانت حائضًا أو نفساء لا يجب عليها الوضوء، ولا يصح منها أيضًا؛ لأن خلو المرأة من الحيض والنفساء شرط وجوب وشرط صحة للوضوء

وجود الماء المطلق الطهور اتفق الفقهاء على أن الماء الطهور شرط لوجوب الوضوء على المكلف، فإذا عدم الماء فلا يجب عليه الوضوء؛ لقوله تعالى: " فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا " المائدة، ويعبر عنه الفقهاء بفقد الماء حقيقة، وفي هذه الحالة ينتقل إلى الطهارة البديلة، وهي التيمم بالصعيد الطيب على ما سيأتي بيانه فيما بعد، وقد نص الحنفية والمالكية وكذا الشافعية والحنابلة على اشتراط وجود الماء المطلق الطهور لوجوب الوضوء حاشية ابن عابدين، حاشية الدسوقي، مغني المحتاج، كشاف القناع

وقد نص الفقهاء على أن وجود الماء المطلق شرط أيضًا لصحة الوضوء، فلا يصح الوضوء بغيره.

فائدة

فَقْد الماء حقيقة هو عدم وجود الماء، أما فقد الماء حكمًا فهو عدم القدرة على استعمال الماء مع وجوده؛ كمن مُنع من استعمال الماء، لمرض أصاب عضوًا من أعضاء الوضوء، ولا يمكن إيصال الماء إليه

رابعًا شروط وجوب الوضوء

القدرة على استعمال الماء الطهور الكافي فالقدرة على استعمال الماء الطهور شرط وجوب للوضوء؛ إذ القدرة مناط التكليف، فالعاجز ليس من أهل التكليف؛ لقوله تعالى " لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا " البقرة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير