المضمضة والاستنشاق
المضمضة هي أن يجعل الماء في فمه، ثم يديره ثم يمجّه، والاستنشاق هو إدخال الماء إلى الأنف، والاستنثار هو إخراجه من أنفه.
وإذا تقدم لك معنى المضمضة والاستنشاق والاستنثار، فاعلم أن العلماء اختلفوا في الوجوب وعدمه، فذهب جماعة من العلماء إلى الوجوب، واحتجوا لذلك بأدلة منها
أن المضمضة والاستنشاق من تمام غسل الوجه؛ فالأمر بغسله أمرٌ بهما.
ما ثبت في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ ماء ثُمَّ ليستنثر» البخاري
وبحديث لقيط بن صبرة رضي الله عنه، وفيه «وَبَالِغْ في الاِسْتِنْشَاقِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» أبو داود وصححه الألباني وفي رواية «إِذَا تَوَضَّأْتَ فَمَضْمِضْ» أبو داود وصححه الألباني
قالوا إن هذه الأحاديث دلت على أن النبي أمر بالمضمضة والاستنشاق، وكما هو معلوم في الأصول أن الأمر يفيد الوجوب؛ فدل ذلك على وجوبهما.
وذهب جمهور الفقهاء إلى عدم وجوب المضمضة والاستنشاق في الوضوء، واحتجوا لذلك بما يلي:
قوله تعالى " فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ " قالوا فالوجه عند العرب ما حصلت به المواجهة، وداخل الفم والأنف ليس من الوجه.
حديث رفاعة بن رافع المعروف بحديث المسيء صلاته، وفيه «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فتوضأ كما أمرك الله فاغسل وجهك ويديك وامسح رأسك واغسل رجليك» الحديث اللفظ لأبي داود، والحديث متفق عليه قال النووي هذا الحديث من أحسن الأدلة؛ لأن هذا الأعرابي صلى ثلاث مرات فلم يحسنها، فعلَّمه النبي فقال «توضأ كما أمرك الله» ولم يذكر المضمضة والاستنشاق [المجموع بتصرف]
قُلْتُ وهذا موضع تعليم، والقاعدة أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فلو كانت المضمضة والاسـ ... ، وبهذا يكون ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من عدم وجوب المضمضة والاستنشاق هو الأرجح، والله أعلم
كيفية المضمضة والاستنشاق
يأخذ في كفه اليمنى ماء ثم يجعل بعضه في فمه، ثم يجعل بقيته في أنفه، ثم يخرج الماء من فمه ويخرج الماء من أنفه بيده اليسرى؛ لما ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه دعا بوضوء، فتمضمض واستنشق ونثر بيده اليسرى، ففعل ذلك ثلاثًا، ثم قال هذا طهور نبي الله. [النسائي وصححه الألباني]
غسل الوجه
الوجه هو ما تحصل به المواجهة، وحدّ الوجه عرضًا ما بين الأذنين، وحده طولاً ما بين منابت شعر الرأس إلى أسفل الذقن [الموسوعة الفقهية الكويتية]
حكمه اتفق الفقهاء على أن غسل ظاهر الوجه بكامله مرة واحدة فرض من فروض الوضوء؛ لقول الله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ " المائدة [المصدر السابق]
ولحديث عثمان بن عفان رضي الله عنه في وصف وضوء النبي، وفيه «ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا» متفق عليه، وللإجماع على وجوب غسل الوجه.
كيفيته إما أن يغسل الوجه بالكفين جميعًا فيأخذ الماء بكفيه، ثم يغسل وجهه، وهذه الكيفية وردت في أكثر من حديث. وإما أن يأخذ الماء بكف ويضيفه للأخرى ويغسل بالكفين جميعًا لحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وفيه ثم أخذ غرفة من ماء فجعل بها هكذا أضافها إلى يده الأخرى فغسل بها وجهه الحديث» رواه البخاري.
وأكمله ما ورد في حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه وفيه، ثم أخذ بيده فصك بها وجهه وألقم إبهامه ما أقبل من أذنيه، قال ثم عاد في مثل ذلك ثلاثًا ثم أخذ كفًا بيده اليمنى فأفرغها على ناصيته، ثم أرسلها تسيل على وجهه الحديث» أحمد، وصححه الألباني.
وكل هذه الكيفيات واردة وثابتة عن رسول الله وكل واحدة منها تجزئ
مسألة هل يجب تخليل اللحية؟
¥