اتفق الفقهاء على وجوب غسل ظاهر اللحية؛ لأنها من الوجه، أما باطن اللحية فذهب الجمهور إلى وجوب إيصال الماء إلى البشرة إذا كانت اللحية خفيفة، ويظهر منها بشرة الوجه تحت الشعر، أما اللحية الكثة فلا يجب غسل باطنها عند الأئمة الأربعة؛ لعسر إيصال الماء إلى البشرة، ولما ثبت من حديث ابن عباس المتقدم، وفيه «تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ؛ فَغَرَفَ غَرْفَةً فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ وَجْهَهُ» النسائي وصححه الألباني
ووجه الدلالة أن لحيته صلى الله عليه وسلم كانت كثيفة، وبالغرفة الواحدة لا يصل الماء إلى ذلك غالبًا، وقد اتفق الفقهاء على استحباب تخليل اللحية؛ لحديث عثمان بن عفان رضي الله عنه وفيه «كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلل لحيته» [الترمذي وصححه الألباني] وكيفية التخليل وردت في حديث أنس أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَأَدْخَلَهُ تَحْتَ حَنَكِهِ فَخَلَّلَ بِهِ لِحْيَتَهُ، وَقَالَ «هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ» [أبو داود وصححه الألباني] وكذلك غسل المسترسل من اللحية وهو ما زاد عن حد الوجه لحديث عمرو بن عنبسة وفيه «قَالَ فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَالْوُضُوءُ حَدِّثْنِي عَنْهُ قَالَ «مَا مِنْكُمْ رَجُلٌ يُقَرِّبُ وَضُوءَهُ؛ فَيَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ فَيَنْتَثِرُ إِلاَّ خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ وَفِيهِ وَخَيَاشِيمِهِ، ثُمَّ إِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ إِلاَّ خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ مِنْ أَطْرَافِ لِحْيَتِهِ مَعَ الْمَاءِ» الحديث. مسلم
غسل اليدين إلى المرفقين
حكمه اتفق الفقهاء على وجوب غسل اليدين إلى المرفقين؛ لقوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ " المائدة
وذهب جمهور الفقهاء إلى وجوب غسل المرفقين مع اليدين، سواء كانت «إلى» في الآية بمعنى «مع» أو كانت لانتهاء الغاية قال النووي في المجموع «إن كانت لانتهاء الغاية؛ فالحد إذا كان من جنس المحدود كما هو في الآية دخل فيه.
واحتجوا لذلك بما ثبت عند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه «أنه توضأ فغسل يديه حتى أشرع في العضدين ... الحديث» وفعله بيان للوضوء المأمور به في الآية؛ فيكون غسل المرفقين من المأمور به في غسل اليدين [الموسوعة الفقهية بتصرف]
كيفيته يغسل اليد من أطراف الأصابع إلى المرفقين، ويسن أن يشرع في العضد، كما ثبت في حديث أبي هريرة المتقدم.
ويجب التنبه هنا على خطأ يقع فيه كثير من الناس؛ وهو عدم غسل الكفين عند غسل اليدين اكتفاءً بغسلهما عند بداية الوضوء، وهو مبطل للوضوء باتفاق الفقهاء؛ لعدم استيعاب محل الغسل من الفرض، فنقول لهؤلاء إن غسل الكفين في أول الوضوء سنة مستقلة، أما غسلهما مع غسل اليدين إلى المرفقين فمن واجبات الوضوء
ويسن تخليل أصابع اليدين عند غسلهما؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله قال «إذا توضأت فخلل بين أصابع يديك ورجليك» [الترمذي،وصححه الألباني]
ويسن للمتوضئ أن يبدأ بغسل اليد اليمنى قبل اليد اليسرى؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما وفيه «ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليسرى» الحديث. البخاري
ولحديث عائشة رضي الله عنها قالت «كان رسول الله يحب التيامن في تنعله وترجله وطهوره، وفي شأنه كله» متفق عليه
ونكمل في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى ما تبقى من صفة وضوء النبي، ونسأل الله السداد والتوفيق فهو نعم المولى ونعم النصير
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[10 - 07 - 10, 01:09 ص]ـ
أحكام الوضوء .. صفة وضوء النبى صلى الله عليه وسلم
رجب 1431هـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد
فقد بدأنا في الحلقة السابقة الكلام عن صفة وضوء النبي، وفي هذه الحلقة نكمل ما تبقى من أعمال الوضوء؛ فنقول وبالله تعالى التوفيق
مسح الرأس
هو إمرار اليد المبتلة بالماء على الرأس بلا تسييل [التعريفات للجرجاني]
¥