وقد مال الشيخ الألباني إلى تصحيح رواية التثليث بقوله «قد صح من حديث عثمان بن عفان أن النبي مسح رأسه ثلاثًا» أخرجه أبو داود بسندين حسنين، وله إسناد ثالث حسن أيضًا، وقد تكلمت على هذه الأسانيد بشيء من التفصيل في صحيح أبي داود، وقد صحح الحافظ في الفتح هذه الزيادة، وقال والزيادة من الثقة مقبولة، ومال ابن الجوزي في كشف المشكل إلى تصحيح التكرير قلت أي الألباني وهو الحق لأن رواية المرة الواحدة وإن كثرت لا تعارض رواية التثليث؛ إذ الكلام في أنه سنة ومن شأنها أن تُفعل أحيانًا [تمام المنة]
وقال الصنعاني «رواية الترك لا تعارض رواية الفعل، وإن كثرت رواية الترك؛ إذ الكلام في أنه غير واجب بل سنة من شأنها أن تفعل أحيانًا وتترك أحيانًا» [سبل السلام]
مسألة المسح على العمامة وردت عدة روايات في بيان مسحه على العمامة، منها حديث عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه قال رأيت رسول الله يمسح على عمامته وخفيه البخاري
وحديث بلال رضي الله عنه قال مسح رسول الله على الخفين والخمار [مسلم] والخمار: المراد به هنا العمامة، كما ذكر النووي في شرح مسلم قال «لأنها تخمر الرأس وتغطيه»
وحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة وعلى الخفين [مسلم]
وإذا كان المسح على العمامة ثابتًا باتفاق أهل العلم؛ فالسؤال هل يجوز الاقتصار في مسح الرأس على العمامة فقط؟
احتج من قال بجواز الاقتصار على مسح العمامة بحديثي عمرو بن أمية وبلال رضي الله عنهما، وذهب جمهور العلماء إلى عدم جواز الاقتصار على العمامة فقط، وإنما يجب أن يمسح معهما جزءًا من الرأس قال الترمذي «وقال غير واحد من أصحاب النبي لا يمسح على العمامة إلا أن يمسح برأسه مع العمامة، واحتجوا بأن الله تعالى فرض المسح على الرأس، والحديث في العمامة محتمل التأويل، فلا يُترك المتيقن بالمحتمل، والمسح على العمامة ليس بمسح على الرأس» نقله الحافظ عن الخطابي في الفتح
ورد القائلون بالجواز بأن المسح على الشعر يجزئ ولا يسمى رأسًا، فقال الجمهور يسمى رأسًا مجازًا بعلاقة المجاورة، فرد القائلون بالجواز والعمامة كذلك بتلك العلاقة، فإنه يقال قبلت رأس محمد، والتقبيل يكون على العمامة قال ابن القيم «إن النبي كان يمسح على رأسه تارة، وعلى العمامة تارة، وعلى الناصية»
قال الشوكاني «الكل صحيح ثابت، فقصر الإجزاء على بعض ما ورد لغير موجب ليس من دأب المنصفين» نيل الأوطار
مسألة هل تمسح المرأة على خمارها؟ قال ابن قدامة وفي مسح المرأة على مقنعتها روايتان أي عن الإمام أحمد أحدهما يجوز؛ لأن أم سلمة كانت تمسح على خمارها [ذكره ابن المنذر] وقد صح عن النبي أنه أمر بالمسح على الخفين والخمار [أحمد وضعفه الألباني مرفوعًا وصححه موقوفًا على بلال رضي الله عنه] قال ولأنه ملبوس معتاد يشق نزعه فأشبه العمامة
الثانية لا يجوز المسح عليه، فإن أحمد سُئل كيف تمسح المرأة على رأسها؟ قال من تحت الخمار، ولا تمسح على الخمار المغني
قال ابن تيمية عن رواية الجواز وهي أظهر؛ لعموم قوله «امسحوا على الخفين والخمار» [أحمد وضعفه الألباني مرفوعًا وصححه موقوفًا على بلال رضي الله عنه] والنساء يدخلن في الخطاب المذكور تبعًا للرجال، كما دخلن في المسح على الخفين
ولأن الرأس يجوز للرجل المسح عليه، فجاز للمرأة كالرجل؛ ولأنه لباس يباح المسح على الرأس لمشقة نزعه غالبًا، فأشبه عمامة الرجل ويشق خلعه أكثر، وحاجته أشد من الخفين شرح العمدة
مسح الأذنين
اتفق الأئمة الأربعة أن حكم الأذنين هو المسح كالرأس، ثم اختلفوا بعد ذلك في حكم مسح الأذنين، فذهب الحنفية والمالكية على المشهور والشافعية إلى أن مسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما من سنن الوضوء [الموسوعة الفقهية الكويتية]
واحتجوا بحديث المقدام بن معدي كرب، وفيه «ثم مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما، وأدخل أصابعه في صماخ أذنيه» الحديث أبو داود وصححه الألباني وهو حكاية فعل، وحكاية الأفعال لا يُستفاد منها الوجوب، وذهب الحنابلة وبعض المالكية إلى أنه يجب مسح الأذنين لأنهما من الرأس؛ لقوله «الأذنان من الرأس» [الترمذي وصححه الألباني انظر الموسوعة الفقهية]
¥