تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا الفقه في قضايا العقيدة، كان عنده مثل الفقه الأكبر شأن (أبي حنيفة في ذلك) وله خصص كتابه "الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة" أقام فيه منهجا جديدا مؤسسا على براهين يقينية مستمدة من النظر الفلسفي المؤسس بدوره على الوحي كما رأى هو.

أما منهجه في الفقه الأصغر (فقه الفروع)، فقد خصص له كتابه: "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" وكتب رسائل أخرى، مثل "رسالة الضحايا" و"رسالة الخراج" و"مختصر المستصفى" وهو ملخص منقح لكتاب الغزالي. ولكن أهم كتبه في هذا الفقه "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" وقد نال حظوة عند الفقهاء، حتى قال ابن الأبار فيه: "لا يعلم في فنه أمتع منه، ولا أحسن سياقا".

منهجه الفقهي

يتجلى مذهبه الفقهي في كتابه: "بداية المجتهد ونهاية المقتصد".

ويقع هذا الكتاب في مجلدين، يضم كل منهما جزءا، خصص الجزء الأول لأحكام الطهارة والعبادات، وألحق بهما الجهاد والأيمان والنذور والضحايا والذبائح والصيد والعقيقة. وقد قسم هذا الجزء إلى كتب كل منها يضم أبوابا، والأبواب تحوي مسائل.

والجزء الثاني سلك فيه ما سلكه في الجزء الأول، فاستهله بكتاب الأطعمة والأشربة، ثم تلاه بكتاب النكاح، وما يلحق به من طلاق وإيلاء وظهار وغيره؛ وختمه بأحكام الأقضية والشهادات.

وأحيانا يضيف إلى الكتاب فصولا كما يفعل المصنفون اليوم، وهكذا فعل في كتب الجهاد والأيمان والنذور والطلاق والظهار وغيره.

وتكاد تكون دوافع المنهج العلمي في دحض وهدم دلائل وأقوال الفرق المذكورة آنفا من تمكين للبراهين اليقينية، وتقليل من سلطان الفرق وإخضاع الأقوال لمحك الوحي والعقل هي الدوافع نفسها التي حملته على تأليف بداية المجتهد.

وقد صدر كتابه بغرضه الشخصي فقال: "فإن غرضي من هذا الكتاب أن أثبت فيه لنفسي على جهة التذكرة من مسائل الأحكام المتفق عليها والمختلف فيها بأدلتها، والتنبيه على نكت الخلاف فيها ما يجري مجرى الأصول والقواعد" (18).

وهو صادق في هذا الغرض ككل قاض وعالم تكمن في أعماقه الروح العلمية، لأنه كان يبحث – كما هي غاية كل قاض وعالم أصول فقه- عن الحق وبلوغه. وهي غاية العلم.

وقد روج في كتابه هذا لمذاهب أخرى، خصوصا مذاهب الرأي – كمذهب أبي حنيفة- وغرضه في ذلك فتح الباب أمام أصول المذاهب الاجتهادية الأخرى، والتخلص من ربقة التقليد الذي ساد الأندلس التي كانت منغلقة على مذهب الإمام مالك بن أنس، وكأنه حاول فك هذا السياج من التقليد والمحافظة بإقحام مذاهب أخرى، وجعل المذهب الحنفي والشافعي والحنبلي في المتناول معه في الاجتهاد، ولكن ليس الأمر كما زعم صاحب كتاب "في الفلسفة الإسلامية" إبراهيم مدكور بأن ابن رشد "حاول تقويض صرح المالكية بإشاعة المذاهب الاجتهادية الأخرى" (19)، فهو لم يسع إلى هذا التقويض، وإنما نزعة العقل تدعوه إلى جعل مذهب مالك على قدم المساواة مع المذاهب الأخرى، وهو أصلا نشأ وشب على المذهب المالكي، وغرضه الظاهر مواصلة الاجتهاد والوصول إلى الحقيقة، وهو ما توخاه المذهب المالكي نفسه، وبناء مذهب فقهي يتوخى اليسر الذي هو قطب الدين الإسلامي الذي تدور عليه الأحكام التي غايتها المصلحة والتي هي كذلك أساس التشريع. ولا يتحقق هذا المقصد النبيل إلا بإعلاء سيادة العقل لكن في سبيل المصلحة. والروح الرشدية بطبعها ميالة إلى الدليل العقلي، وهو الذي عرف الحكمة بالنظر إلى الأشياء بحسب ما تقتضيه طبيعة البرهان.

خصائص منهجه الفقهي من كتابه: "بداية المجتهد ونهاية المقتصد"

1 - يعتمد في كتابه فقها مقارنا بعرض وجهات نظر الأئمة الكبار: أبي حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل أساسا. ويضيف إليها أحيانا وجهات نظر بعض المذاهب الأخرى: كمذهب الأوزاعي والطبري وابن القاسم وأبي يوسف تلميذ أبي حنيفة وداود الظاهري وسفيان الثوري وابن الماجشون وابن أبي ليلى وغيرهم.

وهو بهذا يؤسس لعلم الفقه المقارن إدراكا منه أن جميع المسائل الظنية في أمور الفقه خاضعة للخلاف والنزاع، ومن ثم فلا مطمع في الاعتماد على مذهب واحد.

2 - يذكر المسائل ودلائلها من مصادر التشريع الإسلامي الأربعة: الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس مستعملا مصطلح: "اتفق العلماء" أو " ... اتفقوا" إذا لم يكن هناك خلاف بين المذاهب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير