السؤال السابع عشر: ما صحة هذه القصة أن عبد الله بن رواحة أنشد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبياتاً منها:
فثبت الله ما آتاك من حسنٍ … تثبيت موسى ونصراً كالذي نُصروا
قال: فأقبل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بوجهه متبسماً وقال: ((وإياك فثبت)).
الجواب: القصة مذكورة في < طبقات ابن سعد > وفي < سير أعلام النبلاء > من طريق مُدرك بن عمارة وهو مجهولٌ روى عنه جماعة ولم يوثقه معتبر فهي غير ثابتة بهذا السند.
السؤال الثامن عشر: ما صحة هذه القصة أن نابغة الجعدي أنشد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبياتاً منها:
تذكرت والذكرى تهيج على الفتى ……ومن عادة المحزون أن يتذكرا
سقيناهم كأساً سقونا بمثله ………ولكننا كنا على الموت أصبرا
إلى أن قال:
بلغنا السماء جوداً ومجداً وسؤدداً ……وإنا لنرجو فوق ذلك مظهراً
فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أين المظهر يا أبا ليلى؟)) فقال: الجنة، قال: ((فلا فض فوك))؟
الجواب: مذكورة في < كشف الأستار > للهيثمي وفيها مجهول وضعيف أما المجهول فهو ابن جراد وأما الضعيف فهو الأشدق بهذا ضعفها الهيثمي في < مجمع الزوائد> بالأشدق فهي ضعيفة.
السؤال التاسع عشر: ذكر أهل التفسير عند قوله تعالى: {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} هذه القصة. وهي أن عمر ابن الخطاب استعمل النعمان بن عدي بن نظلة على ميسان في أرض البصرة وكان يقول الشعر فقال:
إلا هل أتى الحسناء أن حليلها ……بميسان يسقى في زجاج وحنتم
إذا شئت غنتني دهاقين قرية ……ورقاصة تجذو على كل منسم
فإن كنت ندماني فبالأكبر أسقني …ولا تسقني بالأصغر المتثلم
لعل أمير المؤمنين يسوءه ……تنادمنا بالجوسق المتهدم
فلما قدم على عمر قال له قد بلغني قولكم وأيم والله إنه ليسوءني وقد عزلتك، فقال: والله يا أمير المؤمنين ما شربتها قط وما ذلك الشعر إلى شيء طفح على لساني، فقال عمر: أظن ذلك ولكن والله لا تعمل لي عملاً أبداً وقد قلت ما قلت، فلم يذكر أنه حده على الشراب، والسؤال من شقين: الشق الأول: ما صحة هذه القصة؟ والشق الثاني: أختلف أهل العلم في الشاعر إذا اعترف في شعره ما يستوجب حداً هل يُقام عليه الحد؟ على قولين: فأي قولٍ منهما ترجحون علماً بأن صاحب < أضواء البيان > جنح إلى القول بأنه لا يُحد ولكن يستوجب الملامة والتأديب استدلالاً بالآية والقصة فما هو الحق في ذلك؟
الجواب: والله الذي يظهر لي أن القصة فيها نكارة ويذكرونها في أسانيد ملفلفة هكذا في بعض كتب التفسير فكتفينا بالنكارة فيها ذلك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول كما في < الصحيحين > من حديث أبي هريرة: ((إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم))، قال الحافظ رحمه الله عند هذا الحديث: الحديث دالٌ على أن من تكلم بسوء له غنمه وعليه غرمه المعنى، هذا يدل على أن من تكلم بشعر أو بغيره سواءٌ قذف أو سواءٌ أفترى أو ما إلى ذلك أنه يؤخذ به، ومما يؤيد هذا القول أنه قد جاء عن عمر بن الخطاب في قصة الزبرقان بن بدر حين هجاه جرول بن مالك الحطيئة، هجاه بأبياتٍ ظاهرها عدم الهجاء قال:
دع المكارم لا تسعى لبغيتها ……وأقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
فجاء الزبرقان يشكوه على عمر بن الخطاب، قال: ما أراه إلا مدحك قال: لا إنه هجاني، فدعوا حسان يحكم بالقضية لمعرفته الشعر قال: يا أمير المؤمنين ما هجاه ولكنه سلح على رأسه، ومع هذا جاء عن عمر رضي الله عنه أنه أراد قطع لسان جرول بن مالك بما حصل له من هجاء للمسلمين ثم بعد ذلك افتداه وأعطاه بعض المال على أنه يكتم يكف عن أعراض المسلمين، هذا يدل على أن عمر ما سامحه في أعراض المسلمين فقط أنه لم لما قال: دع المكارم، ولو رماه أيضاً بفرية لأقام عليه الحد، إنما هذا مجرد سبٍ ومجرد طعن ليست بفرية، أنت الطاعم الكاسي عبارة من الذين يطعمون ويكسون وينفق عليهم وبعبارة أنهم جالسون في البيوت لا قدرة لهم على الاكتساب والقيام بشؤون الناس وعبارة عن عالة على غيره، فهذا ما فيه فرية وما فيه كذلك ما يستلزم الحد هذا الذي يظهر والله أعلم، نكارة هذه الأبيات، وأما قول الشنقيطي رحمة الله عليه أنه ما فيه حد فأنا لم أنظر قوله ولكن هذا الذي ظهر لي، فهو عليه الحد
¥