وثبت في أن ابن عباس رضي الله عنه قال: لعمري إن الرجل لينبت وما قد بلغ، أو نحو ذلك، تنبت عانته يعني، والأمر فيها على ما يقولون إنه كلام لا يُراد به ظاهره هذا وجهٌ، الوجه الثاني: أنه أيمان وحلف بغير الله، لعمري أي لحياتي، وكما كانوا يحلفون قبل ذلك بآبائهم فنهوا عن الحلف بغير الله وأن هذا كان قبل الحلف بغير الله كما جاء في الأدلة.
ونظير ذلك قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في حديث طلحة بن عبيد الله:
((أفلح وأبيه إن صدق))، قالوا: وهذه لفظة لا يُراد بها ظاهرها، وإنما انطلقت على ألسنتهم لا يعنونها، وقال آخرون: هذا منسوخ فحديث طلحة من أوائل الأحاديث وهو منسوخ بالأدلة التي فيها النهي عن الحلف بغير الله قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله))، فالذي يظهر من قولهم: لعمر الله شيءٌ واضح يعني حياة الله أو نحو ذلك، لكن الكلام {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} أي أقسم الله بنبي من أنبياءه وله أن يقسم بما شاء، أما الإنسان فلا يقسم إلا بالله سبحانه وتعالى، ولا يجوز له أن يقول: لعمري، وهذا محمول على أنه لا يريد به القسم ولم يصدره بأحد أحرف القسم، أما إن نوى به القسم فلا يجوز سواءً الآن أو قبل الآن لا يجوز ذلك.
السؤال الثالث: استشهد بعض النحاة ومنهم ابن هشام كما في < قطر الندى > بحديث ((كل الصيد في جوف الفرى)) فما صحة هذا الحديث؟
الجواب: حديث ضعيف ذكره السخاوي في < المقاصد الحسنة > وعنه العجلوني في مرسل نصر بن عاصم يذكر القصة التي حصلت بين أبي سفيان وبين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ونصر بن عاصم تابعيٌ فهي قصةٌ مرسلة بل تكاد تكون معضلة، فلم تثبت.
السؤال الرابع: ما صحة هذه القصة أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: يا رسول الله إن أبي أخذ مالي، فقال: ((أنت ومالك لأبيك)) غير أنه في بعض طرق هذا الحديث رواية أخرجها الطبراني في < الصغير > وفيها أن الأب قال أبياتاً يُخاطب بها ولده منها:
غَذوَتُكَ مولوداً وَعُلتُكَ يافِعاً ... تُعَلُّ بِما أُحنيَ عَلَيكَ وَتَنهلُ
إِذا لَيلَةٌ ضاقت بك السقم لَم أَبِت ... لسقمك إِلّا ساهِراً أَتَمَلمَلُ
فما صحة هذه الرواية؟
الجواب: الحديث بمجموع طرقه صالحٌ للإحتجاج بغير الزيادة حديث ((أنت ومالك لأبيك))، أما زيادة الأبيات غدوتك مولوداً الزيادة لها قصة أن ذلك الولد أتى يشكو أباه إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه أخذ ماله، فدعا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الوالد وفي الطريق قال ذلك الوالد هذه الأبيات، على حسب القصة، فلما أتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال له: ((إن ابنك يشكوك أنك أخذت ماله))، قال: والله يا رسول الله إني انفقه في بعض خالاته أو قال في بعض النفقات. المعنى، قال: ((دعني من هذا وأخبرني بما قلت في نفسك)) قال: يا رسول الله ما أزددنا إلا إيماناًً بك قلت يا رسول الله:
غَذوَتُكَ مولوداً وَعُلتُكَ يافِعاً ... تُعَلُّ بِما أُحنيَ عَلَيكَ وَتَنهلُ
إِذا لَيلَةٌ ضاقت بك السقم لَم أَبِت ... لسقمك إِلّا ساهِراً أَتَمَلمَلُ
فَلَمّا بَلَغَت السِّنَ وَالغايَةَ الَّتي ... إِليها مَدى ما كُنتُ فيكَ أُؤَمِلُ
جَعَلتَ جَزائي غِلظَةً وَفَظاظَةً ... كَأَنَكَ أَنتَ المُنعِمُ المُتَفَضِلُ
إلى آخرها، والقصة ضعيفة أعني الأبيات من طريق المنكدر بن محمد، ولها أيضاً بعض الطرق الأخرى فيها من لا يُعرف، فالزيادة ضعيفة، وهذا الذي انتهينا به فيما أذكر في تحقيق < إصلاح المجتمع > أن القصة لم تثبت، أما الحديث فثابتٌ ((أنت ومالك لأبيك)) هي عند الطبراني الزيادات هذه.
السؤال الخامس: أخرج الإمام أحمد في < مسنده > من حديث شداد بن أوس مرفوعاً: ((مَنْ قَرَضَ بَيْتَ شِعْرٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ تِلْكَ اللَّيْلَةَ)) وفي رواية: ((لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ حتى يُصبِح)) فما صحت هذا الحديث؟
¥