تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(32) انظر: إرشاد القاصي والداني إلى تراجم شيوخ الطبراني) (507) نايف بن صلاح المنصوري طبعة دار الكيان ط- (1427 - 2006م)، ورجح أنه مجهول الحال!

ـ[آل شطارة الجزائري]ــــــــ[21 - 07 - 10, 02:02 ص]ـ

ضفر الشعر عند العرب.

لقد عرفت العرب منذ القديم بأعرافٍ وتقاليد، فكانت الشيم الحسنة والأخلاق الفاضلة مغروسة في طبائعهم امتداد للدعوة الحنيفية ملة إبراهيم عليه السلام، ولكن الطباع الذميمة والعقائد الشركية كانت أيضا سائدة بين أوساط العشائر والقرى التي غَيرت من دين إبراهيم عليه السلام الشيء الكثير حتى اندرست معالمه إلا بين أفراد قُلُل.

وإن اعتناء العرب بالمظهر الخارجي لشيء محسوس ملموس عبر التاريخ، فإن القارئ لأشعارهم وأخبارهم وأيامهم يلمس من ذلك افتخارهم بالمظاهر وتباهيهم بالخير، وتسابقهم إلى نيل صدارتها حتى يُشاع بين القبائل أن فلانا الفلاني أو القبيلة الفلانية لها من الفعال والمفاعل الحميدة ما يبقى ذكره سائدا ما بقيت تلك القبيلة على الوجود.

وإن مما تعارف عليه العرب قبل الجاهلية ترك شعور الرأس وتطويلها، إذ القوم كانوا أصحاب شعور، ولذلك لم تعرف العرب الحلق إلا في النسك أو ما كان للحاجة أو ما ظهر عن اعتقادٍ (33) كفعل الخوارج وقت الإسلام كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أنس بن مالك وأبي ذر الغفاري ورافع بن عمرو الغفاري وأبي سعيد الخدري أنه قال:" سيكون في أمتي اختلاف وفرقة قوم يحسنون القيل ويسيئون الفعل يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية لا يرجعون حتى يرتد على فوقه هم شرار الخلق والخليقة طوبى لمن قتلهم و قتلوه يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء من قاتلهم كان أولى بالله منهم سيماهم التحليق." (34)، ولذلك كره جمع من السلف حلق الرأس لغير حاجة مخيفة الشبه بالخوارج (35)، حتى أنه روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما جاءه صبيغ بن عسل التميمي يسأله عن المتشابه في القرآن الكريم قال له عمر: لو وجدتك محلوقا لضربت رأسك (36) ولهذا كانت عادة الصحابة رضوان الله تعالى عليهم عدم حلق الرأس إلا في نسك أو حاجة كما قرره جمع من العلماء وساق بعضهم في ذلك أثرا رواه الدارقطني في الأفراد (1698) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا توضع النواصي إلا في حج أو عمرة" وهذا الحديث لا يثبت كما بينه غير واحد من العلماء رحمهم الله تعالى. (37)

وفي بيان ما كانت عليه العرب من الاعتناء بشعورها يقول الدكتور جواد علي:" والعرب من أصحاب الشعور السوداء. وهم مثل غيرهم يفاخرون بشعر رأسهم، ويتركونه ينمو ولا يحلقونه على نحو ما كان يفعل اليهود والمصريون. وكانوا يدهنونه ويمشطونه بالمشط، ويتركونه يتدلى على المنكبين. وقد يضفرونه ضفائر، ومنهم من يضفره ضفيرتين يجعلهما تتدليان على جانبي الوجه. وذُكر أن العرب تسمى الخصلة من الشعر أو الضفيرة قرنًا. ولهذا عرف "المنذر بن ماء السماء" جد "النعمان بن المنذر" بـ "ذي القرنين" لضفيرتين كانتا في قرني رأسه. والعرب تكني عن العربي بالجعدي وعن العجمي بالسبط. والجعد من الشعر خلاف السبط، أو هو القصير منه. وهم يعنون بذلك أن سبوطة الشعر هي الغالبة على شعور العجم من الروم والفرس، وجعودة الشعر هي الغالبة على شعور العرب. وكانوا إذا قالوا رجلا جعدًا عنوا رجلا كريمًا، كناية عن كونه عربيًّا سخيًّا، لأن العرب موصوفون بالجعودة. وقد يقصدون بذلك رجلا بخيلًا لئيمًا، فهو من الأضداد.

وذكر أن العرب تقول: رجلًا جعدًا، إذا كان قصيرا متردد الخلق. وإذا قالت جعد السبوطة، فإنها تريد بذلك المدح، إلا أن يكون مفلفلا كشعر الزنج والنوبة، فهو حينئذ ذم." (38) انتهى

وحتى الشعر كان له أثر في حياة العرب:" فهم إذا غضبوا وأرادوا الأخذ بالثأر، لم يغسلوا شعورهم وتركوا تدهينها حتى يأخذوا بثأرهم؛ كالذي رووه من قصة امرئ القيس، حينما جاءه خبر مقتل والده. وهم إذا أرادوا إذلال رجل وإهانته كإذلال سيد قبيلة أو شريف قوم سقط أسيرًا، وأرادوا الإمعان في إذلاله جزوا ناصيته وتركوه يذهب فذلك عندهم شر إذلال. والناصية مقدم الرأس." (39)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير